============================================================
كريما معروفا بالجود، وإكرام الوافدين، وصلة الواردين، صبورا على السعي في قضاء حوائج المسلمين، ولو إلى الأماكن البعيدة، ويتحمل في ذلك المشقة وكان وجيها عند الناس مقبول القول مسموع الكلمة ببركة صدقه في ذلك، ولم يزل على الحال المرضي حتى توفي سنة ست وعشرين وسبعمائة رحمه الله تعالى امين.
بو العباس أحمد بن محمد الحرضي الحكمي تسيا كان شيخا كبيرا مشهورا بالولاية التامة، صاحب رياضات في البداية وكرامات في النهاية وكان سبب سلوكه أنه لقيه فقير في أيام شبابه فوعظه وعظا بليغا آثر في قلبه حتى غشي عليه، ثم قاء شيئا كان في باطنه من شبهة، ثم هام على وجهه يتتبع المساجد المهجورة والجبال وجزائر البحر، مواظبا على قراءة سورة الإخلاص ليلا ونهارا مع الصيام والقيام، وعقد مع الله تعالى عقدا أنه لا يسأل من أحد شيئا، فكان يمكث من الثلاثة الأيام إلى العشرة الأيام لا يأكل شيئا حتى يفتح عليه بغير سؤال، وصحبه رجل اسمه الفقيه على اهائم، كان يلقاه في المساجد المهجورة وغيرها فيهذبه ويربيه حتى فتح عليه، وقدم عواجة لسزيارة الشيخ والفقيه، فذكر عنه أنه رأى الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي يقظة فحكمه ونصبه شيخا وقال له: تقدم إلى الفقيه ابراهيم بن عمر بن عثمان بالتربة يحكمك وينصبك فوصل إليه وذكر له ذلك فحكمه ونصبه ثم صحب الفقيه الكبير أبا بكر بن محمد بن آبي حربة نفع الله به، فتهذب به وانتفع به، ثم لم يزل في ازدياد من الخير، وظهرت له كرامات لا تحصر وأقبل عليه الناس إقبالا عظيما، وكانت له معرفة بعلوم الطريقة وغوص على دقائق السلوك وتربية المريدين، وله كلام حسن في التصوف، من ذلك قوله: المربون ثلاثة، مربي مقال، ومربي فعال، ومرب بحال، فالمربي بالمقال يقول لأصحابه: افعلوا كذا، اصنعوا كذا، من أنواع العبادات، والمربي بالفعال لا يكلم أحدا بذلك، بل أي حالة أراد أن يتصفوا بها تصف بها هو من صيام وصلاة وقيام وذكر وغير ذلك فيفعلون كفعله، وأما المربي بالحال فأي حالة خير خطر له أن يتصف بها بعض أصحابه التجأ إلى الله تعالى في
Página 86