============================================================
فكان منه ما كان، وسيأت ذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى.
ومن كراماته أيضا أنه قال يوما لابن ابنه أحمد بن ابراهيم: إن ولدي هذا خلق من الوجد ويعيش في الوجد ويموت فيه، فكان المذكور كذلك كثير الوجد حتى سمع يوما منشدا ينشد قصيدة أولها: أهلا وسهلا بكم يا جيرة الحلل ومرحبا بحداة العيس والكلل فوجد حتى مات رحمه الله تعالى. وكراماته من هذا القبيل كتيرة لا تحصى، وكان لا يشتغل بشيء من أمور الدنيا ولا يكتسب ولا يطلب من أحد شيئا، وإذا علم بأحد من أصحابه يطلب من الناس طرده، وكان إذا فتح عليه بشيء من غير طلب أتفقه على الفقراء والوافدين، ولا يأخذ إلا على تثبت وبصيرة كما سبق.
وكانت وفاته سنة أربع وسبعمائة ودفن بقرية اللحية المقدم ذكرها، وهي على ساحل البحر مشهورة هنالك، وقبره فيها مقصود للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة، ومن استجار في القرية فضلا عن التربة لا يقدر أحد أن يتعرض له بما يكره من أرباب الدولة والعرب هنالك وغيرهم بلطف الله تعالى ثم ببركته، نفع الله به، وله ذرية مشهورون أهل علم وصلاح، وسيأي ذكر من تحقق حاله منهم إن شاء الله تعالى، ونسبهم يرجع إلى عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه. يقال ان الفقيه أحمد بن عمر المذكور ابن عم جد الفقيه علي بن أي بكر الزيلعي صاحب قرية السلامة الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وأنهما وصلا معا من زيلع، فسكن هذا في هذه الناحية وذاك في تلك الناحية، وكان للفقيه أحمد المذكور جماعة أولاد كلهم صالحون، خلفه منهم بعد موته أبو بكر فقام أتم قيام، وظهرت له أحوال وكرامات حتى أنه كان يقال بلغ رتبة أبيه. ومن ذلك ما يروى أنه أطعم من كف دقيق نحوا من ستين نفسا، وكان كثيرا ما يخبر عن شيء من أمور الغيب فيكون كما ذكر، وكان وجيها عند الناس مقبول القول.
حكي أنه استوهب من بعض العرب نحو أربعة عشر قتيلا فوهبوها له قبل أن ينزل عن دابته، وكان أخوه عمر من الصالحين المكاشفين.
Página 76