138

============================================================

أبو أسامة زيد بن عبدالله بن جعفر بن إيراهيم اليفاعي نسبة إلى قرية يقال لها يفاعة، بفتح المثناة من تحت والفاء وبعد الألف عين مهملة ثم هاء تأنيت، قريبة من مدينة الجند، كان المذكور إماما كبيرا عالما ورعا زاهدا، تفقه بمدينة الجند ثم ارتحل إلى مكة المشرفة وأخذ بها عن جماعة من أهلها، ثم رجع إلى الجند ونشر العلم هنالك، وانتفع به الناس وارتحلوا إليه من نواح شتى وارتفع صيته، قال الجندي: بلغ أصحابه تحو ثلاثمائة متفقه، وكان يقوم بغالبهم قوتا وكسوة وغير ذلك، ثم رجع الى مكة المشرفة وأقام بها مدة عاكفا على التدريس والفتوى هنالك، ثم رجع الى الجند واستقر بها وانتشر عنه العلم انتشارا كليا، وقصد من كل ناحية وتخرج به جماعة من الأعيان المدرسين المفتين، وكسان غالب أحواله في اخر عمره إنما يدرس في بيته إيشارا للخمول وعدم الشهرة، وكان متورعا عن صحبة الملوك ومخالطة الولاة كثير العبادة وظهرت له كرامات كثيرة. من ذلك انه وجده بعض الناس قاصدا باب البلد في الليل فلما قرب منه انفتح له الباب فخرج وتبعه الرجل من حيث لم يره، قال: فمشى حتى وصل موضع قبره الآن فاحرم بالصلاة وجعل يصلي حتى أذن المؤذن بالصبح، م رجع فلما وصل باب المدينة انفتح له، ثم باب المسجد فلما صلى الصبح قعد يذكر الله تعالى والرجل يرقبه في كل ذلك، ثم دنا منه وقبل يده وأخبره بما رأى منه، فقال له: إن أحبيت الصحبة فلا تخبر آحدا ما دمت حيا، فما أخبر بذلك الا بعد وفاة الفقيه رحمه الله تعالى: ويحكى عنه أيضا أنه كان يخرج من بيته بعد هدوء من الليل إلى الجامع فيفتح له الباب فيدخل فيصلي في المحراب ما شاء الله، ثم يخرج كذلك، وكانت وفاته سنة آربع عشرة وخمسمائة، وقبره بالمقبرة القريبة من مدينة الجند مشهور مقصود للزيارة والتبرك، قال الجندي: لم أر في اليمن تربة تتجدد معرفتها ويكثر زوارها كتربة الفقيه زيد، ولا تكاد تخلو تربته من زائر، وقلما قصدها ذو حاجة إلا قضيت حاجته، قال: ولقد أخبرني جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب بأخبار يطول شرحها في ذلك نفع الله به وبسلفه امين.

138

Página 138