ولد سنة (1237) بدمشق ونشأ بها على طلب العلوم وأخذ عن فضلائها وابتدأ في العلوم العربية وبالوسائل إلى العلوم الشرعية عند الشيخ هاشم التاجي، والشيخ عبد الله الحلبي، والشيخ حسن الشطي، وحضر عند شيخ الشيوخ المحدث الشهير الشيخ عبد الرحمن بن محمد الكزبري، وأجازه بما حواه ثبت والده المذكور. وأخذ عن العلامة الشيخ سعيد الحلبي، والإمام الشيخ حامد العطار، والشيخ عبد الرحمن الطيبي، وأجازوه جميعا بمروياتهم. ولم يزل مقبلا على الاشتغال والأخذ عن كمل الرجال حتى فاق واشتهر، وتفنن ومهر، واستفاد وأفاد، وبلغ المراد، وولي خطابة الجامع الأموي سنة (1256) فخطب سنين عديدة. وفي سنة (1258) قصد الديار الحجازية واستجاز من فضلاء هاتيك الأباطح الذكية، فأخذ عن العالم الزاهد الشهير الشيخ محمد بن أحمد العطوشي، وأجازه بإسناد عال جدا. وأخذ عن العلامة الشيخ يوسف الصاوي المالكي في المدينة المنورة. واستجاز من الإمام العارف بالله تعالى صاحب الكرامات الشهيرة الشيخ حسين سليم الدجاني مفتي يافا فأجازه بمروياته ومصنفاته. واستجاز بالمراسلة من العلامة الشهير في الآفاق الشيخ إبراهيم الباجوري. وأخذ الطريقة الأحمدية عن المرشد الكامل الشهير الشيخ إبراهيم الرشيد فلقنه الذكر وألبسه الخرقة، وتلقن الذكر أيضا ولبس الخرقة من الإمام العالم العابد الحسيب النسيب فضل باشا بن الغوث علي بن محمد بن سهل مولى الدويلة وأجازه بما يجوز له روايته عن مشايخه، منهم العارف الجليل عبد الله بن حسين بن طاهر العلوي وأسانيده معروفة في مؤلفاته الشهيرة. وللمترجم إجازات عن مشايخ آخرين غير ما ذكر. وكان حسن الأخلاق، كريم السجايا، واسع الصدر، لطيف المزايا، متكلما بالصدق، قوالا بالحق، لا يبالي في إجراء الحقوق ورفع المظالم، محبوبا للولاة والحكام، مهابا مقبولا للخاص والعام. وانتخب للمعضلات ومهمات الأمور، فتعين في المجلس الكبير في الشام سنة (1279) ولم يزل موظفا به إلى أن حدث ترتيب جديد مبني على تأليف مجلسين كبيرين يدعى أحدهما مجلس إدارة الولاية الكبير والثاني يدعى مجلس دعاوى الولاية الكبير، فعين عضوا في المجلس الثاني وذلك سنة (1282) ثم في سنة (1283) عين نائبا لمحكمة الباب ورئيسا لمجلس الدعاوى ثم في سنة (1284) وجهت عليه رتبة إزمير، وعين نائبا إلى طرابلس الشام ثم استعفى منها بعد سنة وشهرين ورجع إلى دمشق، ثم في (15) ربيع الأول سنة (1286) وجه عليه قضاء دمشق فباشر في خدمة الشريعة المطهرة على الوجه الأتقى متمسكا في فصل القضايا بالعروة الوثقى ثم أعفي منها ولازم الإقراء والإفادة وانتفع به كثير من الطلاب. وكان حسن التقرير، فصيح اللسان، حسن الضبط، له اعتقاد حسن في الصلحاء ومحبة الفقراء وإكرام للغرباء، مشحونة مجالسه بالمذاكرة العلمية والمساجلة الأدبية. وله تعليقات على «الأشباه والنظائر» 1 والطحطاوي 2 وابن عابدين 3 ولم يزل على حالته الحسنى إلى أن توفي في (19) شعبان سنة (1305) وصلى عليه شيخنا العلامة الشيخ سليم العطار في داره بوصية منه. وكان أوصى أيضا أن لا يفعل في جنازته شيء من المبتدعات فنقل كما أوصى، ودفن في سفح قاسيون في تربة نبي الله ذي الكفل عليه الصلاة والسلام.
***
Página 14