ولد بدمشق سنة (1236) ودخل المدرسة سنة (1248) واجتهد في تحصيل العلوم، فأخذ عن العلامة الشيخ سعيد الحلبي، والمحدث الكبير الشيخ عبد الرحمن الكزبري، والقدوة الشيخ حامد العطار، والمتفنن الشيخ حسن الشطي، والمحقق الشيخ عمر الآمدي، والمدقق الشيخ منلا بكر الكردي، وغيرهم ممن ذكرهم في «ثبته» المسمى ب «عنوان الأسانيد» ثم تعاطى النيابات الشرعية في دمشق وغيرها سنة (1260) وسافر إلى دار السلطنة وأناطولي سنة (1268) بعد أن انتظم في سلك الموالي سنة (1266) وتدرج في الرتب العلمية إلى رتبة إسلامبول مع ما يتبع ذلك من النياشين الرسمية، مثنى وثلاث ورباع مجيدية وعثمانية، ولم تر قط عليه لكنها في الصندوق لديه، وتولى إفتاء الشام سنة (1284) بإنهاء والي الشام وقتئذ محمد راشد باشا فاشتغل بتحرير المسائل الفقهية بجد واجتهاد، ودقق وحقق، واشتهرت تحقيقاته البديعة، حتى كانت تتوارد عليه المسائل المعضلة من كل فج، ووقع بينه وبين جمعية المجلة في دار السعادة مناقشات كلية، وكانوا يرجعون إليه فيما أشكل من المسائل، ومع علو كعبه في العلوم العقلية والنقلية كان له الباع الطويل والتفنن في كمالات وصنائع شتى، منها ما اشتهر عنه من أمر الكتابة الكثيرة على القطع الصغيرة، فكان يكتب سورة الإخلاص على حبة من حبوب الأرز، وبعضهم يبالغ عنه بأكثر من ذلك.
وبالجملة ففضله أشهر من أن يذكر وأما مؤلفاته فهي تناهز الأربعين منها «درر الأسرار» وهو التفسير الجليل بالحروف المهملة، و«دليل الكمل إلى الكلم المهمل» و«الفتاوى المنظومة» في مجلد، و«الفتاوى الحمزاوية الكبرى» و«نظم الجامع الصغير» للإمام محمد 1 في نحو ثلاثة آلاف بيت من بحر البسيط، و«نظم مرقاة الأصول» من البحر المذكور، وشرح «بديعية» والده شرحا لطيفا سماه «كشف القناع».
Página 9