155

Naturalezas de la Tiranía y las Arenas de la Liberación

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

Editorial

المطبعة العصرية

Número de edición

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

Ubicación del editor

حلب

الاستبداد والتخلُّص منه ليس لنا مدرسة أعظم من التاريخ الطبيعي، ولا برهان أقوى من الاستقراء، من تتبَّعهما يرى أنَّ الإنسان عاش دهرًا طويلًا في حالة طبيعية تسمَّى "دور الافتراس"، فكان يتجوَّل حول المياه أسرابًا تجمعه حاجة الحضانة صغيرًا، وقصد الاستئناس كبيرًا، ويعتمد في رزقه على النبات الطبيعي وافتراس ضعاف الحيوان في البرِّ والبحر، وتسوسه الإرادة فقط، ويقوده من بنيته أقوى إلى حيثُ يكثر الرزق. ثم ترقَّى الكثير من الإنسان إلى الحالة البدوية التي تسمّى "دور الاقتناء": فكان عشائر وقبائل، يعتمد في رزقه على ادِّخار الفرائس إلى حين الحاجة، فصارت تجمعه حاجة التحفُّظ على المال العام والأنعام، وحماية المستودعات والمراعي والمياه من المزاحمين، ثمَّ انتقل -ولا يُقال ترقّى- قسم كبير من الإنسان إلى المعيشة الحضرية: فسكن القرى يستنبت الأرض الخصبة في معاشه، فأخصب، ولكن؛ في الشقاء، ولعلَّه استحقَّ ذلك بفعله؛ لأنَّه تعدَّى قانون الخالق، فإنَّه خلقه حرًّا جوَّالًا، يسير في الأرض، ينظر آلاء الله، فسكنَ، وسكن إلى الجهل والذُّلّ، وخلق الله الأرض مباحةً، فاستأثر بها،

1 / 165