133

Naturalezas de la Tiranía y las Arenas de la Liberación

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

Editorial

المطبعة العصرية

Número de edición

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

Ubicación del editor

حلب

تموِّهون على جهلكم الأسباب بقضاء الله وتدفعون عار المسببات بعطفها على القدر، ألا والله ما هذا شأن البشر! ". "يا قومُ: سامحكم الله، لا تظلموا الأقدار، وخافوا غيرة المنعم الجبّار. ألم يخلقكم أكفاءً أحرارًا طلقاء لا يثقلكم غير النّور والنسيم، فأبيتم إلا أن تحملوا على عواتقكم ظلم الضعفاء وقهر الأقوياء؟! لو شاء كبيركم أن يُحمِّل صغيركم كرة الأرض لحنى له ظهره، ولو شاء أن يركبه لطأطأ له رأسه. ماذا استفدتم من هذا الخضوع والخشوع لغير الله؟ وماذا ترجون من تقبيل الأذيال والأعتاب وخفض الصوت ونكس الرأس؟ أليس منشأ هذا الصّغار كلِّه هو ضعف ثقتكم بأنفسكم، كأنِّكم عاجزون عن تحصيل ما تقوم به الحياة، وحسب الحياة لُقيماتٍ من نباتٍ يقمن ضلع ابن آدم، وقد بذلها الخلاّق لأضعف الحيوان، وهذه الوحوش تجد فرائسها أينما حلَّت، وهذه الهوام لا تفقد قوتها؟ فما بال الرَّجل منكم يضع نفسه مقام الطفل الذي لا ينال حاجته إلا بالتذلُّل والبكاء، أو موضع الشيخ الفاني الذي لا ينال حاجته إلا بالتملُّق والدُّعاء؟ ". "يا قوم: رفع الله عنكم المكروه، ما هذا التفاوت بين أفرادكم وقد خلقكم ربكم أكفاء في البنية، أكفاء في القوة، أكِّفاء في الطبيعة، أكفَّاء في الحاجات، لا يفضل بعضكم بعضًا إلا بالفضيلة، لا ربوبية بينكم ولا عبودية؟ والله؛ ليس بين صغيركم وكبيركم غير برزخٍ من الوهم. ولو درى الصغير بوهمه، العاجز بوهمه، ما في النفس الكبير المتآله من الخوف منه لزال الإشكال وقضي

1 / 143