Reflexiones sobre la religión y la vida
تأملات في الدين والحياة
Géneros
ص _202 الشقى مع إخوانه الجدد من فقراء المسلمين.. نعم أصبح واحدا من فقراء المسلمين، وهو الذى كان إلى الأمس القريب عضوا فى بيئة مترفة، لها وجاهتها ومكانتها، وتشهد بطحاء مكة أبناءها وهم يخبون فى الحرير، ويجرون أذيالهم غرورا وكبرا، واخشوشنت حياة مصعب وسرت فيها معانى القسوة والضيق، غير أن البلاء الكثير لا يزيد النفس القوية إلا مصابرة وإصرارا، فقد مضى المؤمن الراسخ فى طريقه لا يلوى على شىء، وتحمل سنوات الاضطهاد الأولى فى مكة وهو راض عن ربه وعن دينه، يقيم معالم الإسلام، ويؤدى شعائره، ويسارع إلى حفظ ما يتنزل من أيات الوحى، وينتظم مع الرعيل الأول فى دعم القواعد الأولى لهذه الأمة الناشئة، وينتظر ما يتمخض عنه المستقبل، وهو لن يكون حاملا فى طواياه أشد مما حملته هذه النفس الكبيرة من جهاد، وتربت عليه من استعداد.
* * *
* الداعية المنتخب:
تتابعت السنون وأهل مكة لا يتحولون عن موقفهم العنيد، وتبين أنهم يكذبون صاحب الرسالة العظمى تجاهلا لا جهلا، ولم يبق بد من توسيع نطاق الدعوة وعرضها على الأبعاد الغرباء، بعد أن كذب بها المواطنون وصد عنها العشيرة الأقربون فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يبرز فى المواسم والأسواق ويعرض نفسه على الوفود القاصدة إلى البلد الحرام، وكان أن شرح الله صدور نفر من يثرب فاستجابوا للإسلام ودعوته، وأظهروا استعدادهم لنصرته، وأنسى الرسول صلى الله عليه وسلم الخير فيهم، وأمل لدينه على أيديهم التمكين والاستعلاء، فقرر أن يبعث معهم رجلا أمينا على الدعوة ليتعهدها فى مستقرها النائى، ونظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ثم وقع اختياره على مصعب ابن عمير، فأرسله إلى المدينة ليبشر بالدين الجديد، وليقرئ الأنصار القرآن، ويعلمهم الإسلام.
Página 204