تأويل مختلف الحديث
تأويل مختلف الحديث
Editorial
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Edición
الطبعة الثانية
Año de publicación
1419 AH
Géneros
Ciencia del Hadiz
يُرِيد أَنَّ اللَّهَ -جَلَّ وَعَزَّ- خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الْوَجْهِ.
وَهَذَا أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، لَا فَائِدَةَ فِيهِ.
وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ ﵎ خَلَقَ آدَمَ، عَلَى خَلْقِ وَلَدِهِ، وَوَجْهَهُ عَلَى وُجُوهِهِمْ.
وَزَادَ قَوْمٌ فِي الْحَدِيثِ: إِنَّهُ ﵇ مَرَّ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ وَجْهَ رَجُلٍ آخَرَ، فَقَالَ: "لَا تَضْرِبْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، خَلَقَ آدَمَ ﵇ عَلَى صُورَتِهِ"، أَيْ صُورَةِ الْمَضْرُوبِ.
وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْخَلَلِ، مَا فِي الْأَوَّلِ.
وَلَمَّا وَقَعَتْ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ الْمُسْتَكْرَهَةُ، وَكَثُرَ التَّنَازُعُ فِيهَا، حَمَلَ قَوْمًا اللَّجَاجُ عَلَى أَنْ زَادُوا فِي الْحَدِيثِ، فَقَالُوا: رَوَى بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالُوا١: "إِنَّ اللَّهَ ﷿ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ".
يُرِيدُونَ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ٢ فِي "صُورَتِهِ" لِلَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَإِنَّ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ بِأَنْ يَجْعَلُوا الرَّحْمَنَ مَكَانَ الْهَاءِ كَمَا تَقُولُ: "إِنَّ الرَّحْمَنَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ"، فَرَكِبُوا قَبِيحًا مِنَ الْخَطَأِ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ نَقُولَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ السَّمَاءَ بِمَشِيئَةِ الرَّحْمَنِ" وَلَا على إِرَادَة الرَّحْمَن٣.
١ لَعَلَّ الْأَصَح: فَقَالَ بَدَلا من فَقَالُوا.
٢ أَي: هَاء الضَّمِير الَّتِي تعود على لفظ الْجَلالَة الْمُتَقَدّمَة.
٣ قَول ابْن قُتَيْبَة: "وَزَادَ قَوْمٌ فِي الْحَدِيثِ: إِنَّهُ ﵇ مَرَّ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ وَجْهَ رَجُلٍ آخَرَ، فَقَالَ: "لَا تضربه فغن الله خَلَقَ آدَمَ ﵇ عَلَى صورته"، أَي: صُورَة الْمَضْرُوب، قَالَ: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْخَلَلِ مَا فِي الأول".
أَقُول: أَخطَأ ابْن قُتَيْبَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي هَذَا الْمقَال من موضِعين وسع بهما بَاب الْمَحْذُور، وَلم يحسن جَوَابا بل أَضْعَف الْجَواب الصَّحِيح وهاك الْبَيَان.
أَولا: الْموضع الأول فِي خطأ ابْن قُتَيْبَة أَنه أورد أصل الحَدِيث نَاقِصا فِي اللَّفْظ حَيْثُ =
1 / 319