285

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Editorial

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Número de edición

الطبعة الثانية

Año de publicación

1419 AH

النَّاس يَكُونُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ -عِنْدَ طَلَبِهِمُ الْهِلَالَ- فَيَجْتَمِعُونَ، وَيَقُولُ وَاحِدٌ: "هُوَ ذَاكَ هُوَ ذَاكَ" وَيَقُولُ آخَرُ: "لَيْسَ بِهِ وَلَيْسَ الْقَمَرُ كَذَلِكَ" لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرَاهُ بِمَكَانِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَنْضَمَّ إِلَى غَيْرِهِ لِطَلَبِهِ.
وَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَاضٍ عَلَى الْكِتَابِ، وَمُبَيِّنٌ لَهُ.
فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾، وَجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالصَّحِيحِ مِنَ الْخَبَرِ: تَرَوْنَ١ رَبَّكُمْ تَعَالَى فِي الْقِيَامَةِ؛ لَمْ يَخْفَ عَلَى ذِي فَهْمٍ وَنَظَرٍ وَلُبٍّ وَتَمْيِيزٍ، أَنَّهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ.
وَفِي قَوْلِ مُوسَى ﵇: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ أَبْيَنُ الدِّلَالَةِ٢ عَلَى أَنَّهُ يُرَى فِي الْقِيَامَةِ.
وَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُرَى فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّظَرُ. لَكَانَ مُوسَى ﵇ قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى مَا عَلِمُوهُ.
وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَدْ حَدَّهُ عِنْدَهُمْ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَهُ مَحْدُودًا، فَقَدْ شَبَّهَهُ بِالْمَخْلُوقِينَ، وَمَنْ شَبَّهَهُ عِنْدَهُمْ بِالْخَلْقِ فَقَدْ كَفَرَ.
فَمَا يَقُولُونَ فِي مُوسَى ﵇ فِيمَا بَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَبَّأَهُ، وَكَلَّمَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ لَهُ فِيهِ: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ أَيَقْضُونَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ مُشَبِّهًا لِلَّهِ مُحَدِّدًا؟
لَا، لَعَمْرُ اللَّهِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْهَلَ مُوسَى ﵇، مِنَ اللَّهِ ﷿ مِثْلَ هَذَا، لَو كَانَ على تقديرهم.

١ وَفِي نسختين: ترَوْنَ الله ﷿ يَوْم الْقِيَامَة.
٢ وَفِي نُسْخَة: أبين الْأَدِلَّة.

1 / 299