253

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Editorial

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Número de edición

الطبعة الثانية

Año de publicación

1419 AH

وقضيا حَاجَتَهُمَا، ثُمَّ خَرَجَا، فَرَأَيَا رَجُلًا، فَظَنَّا أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ١ عَلَيْهِمَا، فَقَتَلَاهُ.
وَتَكَلَّمَتِ الزُّهَرَةُ بِذَلِكَ الِاسْمِ، فَصَعِدَتْ، فَخَنَسَتْ٢ وَجَعَلَهَا اللَّهُ شِهَابًا.
وَغَضِبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمَلَكَيْنِ، فَسَمَّاهُمَا: هَارُوتَ، وَمَارُوتَ.
وَخَيَّرَهُمَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا.
فَهُمَا يُعَلِّمَانِ النَّاسَ، مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ٣.
وَالَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، فِيمَا يَرَى أَهْلُ النَّظَرِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ. الَّذِي صَعِدَتْ بِهِ الزُّهَرَةُ، وَكَانَا بِهِ -قَبْلَهَا وَقَبْلَ السُّخْطِ عَلَيْهِمَا- يَصْعَدَانِ إِلَى السَّمَاءِ. فَعَلِمَتْهُ الشَّيَاطِينُ، فَهِيَ٤ تُعَلِّمُهُ أَوْلِيَاءَهَا، وَتُعَلِّمُهُمُ السِّحْرَ.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ السَّاحِرَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ، فَيَطِيرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَيَطْفُو عَلَى الْمَاءِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، أَنَّ عَامِلَ عُمَانَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁: "إِنَّا أَتَيْنَا بِسَاحِرَةٍ، فَأَلْقَيْنَاهَا فِي الْمَاءِ، فَطَفَتْ".
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: "لَسْنَا مِنَ الْمَاءِ فِي شَيْءٍ، إِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، وَإِلَّا فَخَلِّ٥ سَبِيلَهَا".

١ ظهر: أَي اطلع.
٢ خنست: غَابَتْ.
٣ هَذِه الرِّوَايَة -فِي قصَّة الْملكَيْنِ والزهرة- وَغَيرهَا من الرِّوَايَات سَاقهَا ابْن كثير فِي تَفْسِيره "الْقُرْآن الْعَظِيم" ص١٢٣ وأكثرها غَرِيب مُنكر، وَالله أعلم.
يَقُول سيد قطب ﵀ فِي ظلال الْقُرْآن ج١ ص٩٧: "وَلَا أحب أَن نجري نَحن -فِي ظلال الْقُرْآن- خلف الأساطير الْكَثِيرَة الَّتِي وَردت حول قصَّة الْملكَيْنِ. فَلَيْسَتْ هُنَالك رِوَايَة وَاحِدَة مُحَققَة يوثق بهَا. وَلَقَد مضى فِي تَارِيخ البشرية من الْآيَات والابتلاءات مَا يُنَاسب حالتها وإدراكها فِي كل طور من أطوارها".
٤ فَهِيَ: أَي الشَّيَاطِين.
٥ أَي إِن قَامَت الْبَيِّنَة على تعاطيها السحر فعاقبها وَإِلَّا فاتركها.

1 / 267