243

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Editorial

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Número de edición

الطبعة الثانية

Año de publicación

1419 AH

وَفِي الْحَدِيثِ: "أَنَّ عُمَرَ ﵁ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَفِي الْبَيْتِ أُهُبٌ عَطِنَةٌ"١ يُرِيدُ: جُلُودٌ مُنْتِنَةٌ لَمْ تُدْبَغْ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ فِي أَبِيهَا ﵁: "قَرَّرَ الرُّءُوس عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أُهُبِهَا" يَعْنِي فِي الْأَجْسَادِ.
فَكَنَّتْ عَنِ الْجَسَدِ بِالْإِهَابِ، وَلَوْ كَانَ الْإِهَابُ مَدْبُوغًا، لَمْ يَجُزْ أَنْ تُكَنِّيَ بِهِ عَنِ الْجَسَدِ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَذْكُرُ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً، أَكَلَ الذِّئْبُ وَلَدَهَا، وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَتْهُ:
فَلَاقَتْ بَيَانًا عِنْدَ أَوَّلِ مَعْهَدٍ ... إِهَابًا وَمَعْبُوطًا٢ مِنَ الْجَوْفِ أَحْمَرَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ ".
ثُمَّ مَرَّ بِشَاةٍ مَيْتَةٍ، فَقَالَ: "أَلَا انْتَفَعَ أَهْلُهَا بِإِهَابِهَا"؟ يُرِيدُ أَلَا دَبَغُوهُ، فَانْتَفَعُوا بِهِ؟
ثُمَّ كَتَبَ٣: "لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ ".
يُرِيدُ لَا تَنْتَفِعُوا بِهِ وَهُوَ إِهَابٌ، حَتَّى يُدْبَغَ.
وَيَدُلَّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: "وَلَا عَصَبٍ" لِأَنَّ الْعَصَبَ لَا يَقْبَلُ الدِّبَاغَ، فَقَرَنَهُ بِالْإِهَابِ قَبْلَ أَنْ يُدْبَغَ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا مُبَيَّنًا فِي الْحَدِيثِ.
رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَرَّ بِشَاةٍ لِمَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ، فَقَالَ: "أَلَا أَخَذُوا إهابها، فدبغوه، وانتفوا بِهِ" ٤.

١ أخرجه البُخَارِيّ: تَفْسِير سُورَة ٦٦، وَأَبُو لِبَاس ٣٨ فِي التَّرْجَمَة.
٢ معبوطًا أَي مذبوحًا من غير عِلّة.
٣ والْحَدِيث مَشْهُور عِنْد أَصْحَاب السّنَن عَن عبد الله بن حَكِيم قَالَ: أنانًا كتاب رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قبل مَوته: "أَلا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عصب" -الشَّيْخ مُحَمَّد بدير-.
٤ سبق تَخْرِيجه ص٢٥٦.

1 / 257