تأويل مختلف الحديث
تأويل مختلف الحديث
Editorial
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Número de edición
الطبعة الثانية
Año de publicación
1419 AH
Géneros
Ciencia del Hadiz
على مَا يَعْرِفُ النَّاسُ، وَعَلَى مَا شَاهَدُوا، لِأَنَّهُمْ يَفْقِدُونَ الشَّيْءَ فَيَكُونُ مُبْطَلًا عِنْدَهُمْ وَفَانِيًا، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ، وَغَيْرُ فَانٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ السَّمِينَ الضَّخْمَ الْعَظِيمَ الصَّحِيحَ، يَعْتَلُّ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَيَذْهَبُ مِنْ جِسْمِهِ نِصْفُهُ، أَوْ ثُلُثَاهُ، وَلَا نَعْلَمُ أَيْنَ ذَهَبَ ذَلِكَ، فَهُوَ عِنْدَنَا فَانٍ مُبْطَلٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَيْنَ ذَهَبَ، وَفِي أَيِّ شَيْءٍ صَارَ.
وَأَنَّ الْإِنَاءَ الْعَظِيمَ مِنَ الزُّجَاجِ يَكُونُ فِيهِ الْمَاءُ أَيَّامًا؛ فَيَذْهَبُ بِالْحَرِّ بَعْضُهُ. وَإِنْ تَطَاوَلَتْ بِهِ الْمُدَّةُ، ذَهَبَ كُلُّهُ، وَالزُّجَاجُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّشَفُ١ وَلَا الرَّشْحُ، وَلَا نَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَ مَا فِيهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُهُ.
وَأَنَّا نُطْفِئُ بِالنَّفْخَةِ نَارَ الْمِصْبَاحِ، فَتَذْهَبُ وَتَكُونُ عِنْدَنَا فَانِيَةً، وَلَا نَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ كَيْفَ ذَهَبَتْ، وَأَيْنَ حَلَّتْ.
كَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ -عِنْدَنَا- فَانِيَةٌ وَهِيَ -بِقَولِ الرَّسُولِ ﷺ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ، وَفِي عِلِّيِّينَ، وَفِي سِجِّينٍ، وَتُشَامُّ٢ فِي الْهَوَاء، وَأَشْبَاه ذَلِك.
١ النشف: ذهَاب المَاء.
٢ تشائم: لَعَلَّهَا من الشمامات: وَهُوَ مَا يتشمم من الْأَرْوَاح الطّيبَة. وَفِي نُسْخَة: تسام فِي الْهوى.
1 / 230