207

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Editorial

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Número de edición

الطبعة الثانية

Año de publicación

1419 AH

قَالُوا: حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ الْقِيَاسُ
٢٧- الِاجْتِهَادُ فِي الْقَضَاءِ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّهُ أَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ قَوْمٍ، وَأَنَّ عَمْرًا قَالَ لَهُ: أَقْضِي -يَا رَسُولَ اللَّهِ- وَأَنْتَ حَاضِرٌ؟!
فَقَالَ لَهُ: "اقْضِ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ أَصَبْتَ فَلَكَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ أَخْطَأْتَ فَلَكَ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ" ١.
قَالُوا: وَهَذَا الْحُكْمُ، لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ ﵎.
وَذَلِكَ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الَّذِي يُوَافِقُ الصَّوَابَ مِنْ عَمْرٍو، هُوَ الِاجْتِهَادُ الَّذِي يُوَافِقُ الْخَطَأَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُصِيبَ، إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ، وَلَيْسَ يَنَالُهُ فِي مُوَافَقَةِ الصَّوَابِ مِنَ الْعَمَلِ، وَالْقَصْدِ، وَالْعِنَايَةِ، وَاحْتِمَالِ الْمَشَقَّةِ، إِلَّا مَا يَنَالُهُ مِثْلُهُ، فِي مُوَافَقَتِهِ الْخَطَأَ.
فَبِأَيِّ مَعْنًى يُعْطَى فِي أَحَدِ الِاجْتِهَادَيْنِ حَسَنَةً، وَفِي الْآخَرِ عَشْرًا؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ الِاجْتِهَادَ مَعَ مُوَافَقَةِ الصَّوَابِ، لَيْسَ كَالِاجْتِهَادِ مَعَ مُوَافَقَةِ الْخَطَأِ.
وَلَوْ كَانَ هَذَا عَلَى مَا أُسِّسَ؛ كَانَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوس،

١ ابْن ماجة: أَحْكَام ٣، وَالنَّسَائِيّ: قُضَاة ٣، وَأحمد: ٣/ ١٨٧، ٤/ ٢٠٥.
وَقد رَوَاهُ ابْن ماجة بِلَفْظ: عَن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُول: "إِذا حكم الْحَاكِم فاجتهد فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ، وَإِذا حكم فاجتهد فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر ".
وَقد ورد فِي جَامع الْأَحَادِيث للسيوطي رقم ٣٨٠٥ عَن ابْن عمر ﵄ بِلَفْظ: "اقْضِ بَينهمَا على أَنَّك إِن أصبت فلك عشر وَإِن اجتهدت فأخطأت فلك أجر ".

1 / 221