198

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Editorial

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Número de edición

الطبعة الثانية

Año de publicación

1419 AH

ثُمَّ أَرْسَلَ الْغُرَابَ، فَخَرَجَ وَلَمْ يَرْجِعْ، حَتَّى يَبِسَ الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَأَرْسَلَ الْحَمَامَةَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَرَجَعَتْ حِينَ أَمْسَتْ وَفِي مِنْقَارِهَا وَرَقَةُ زَيْتُونٍ، فَعَلِمَ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ قَلَّ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ. فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى لَهَا بِالطَّوْقِ فِي عُنُقِهَا، وَالْخِضَابِ فِي رِجْلَيْهَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَرَأَتُ أَيْضًا فِي التَّوْرَاةِ: "أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ، قَالَ لِآدَمَ -حِينَ خَلَقَهُ- كُلْ مَا شِئْتَ مِنْ شَجَرِ الْفِرْدَوْسِ، وَلَا تَأْكُلْ مِنْ شَجَرَةِ عِلْمِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَإِنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا تَمُوتُ، يُرِيدُ: "أَنَّكَ تَتَحَوَّلُ إِلَى حَالِ مَنْ يَمُوتُ". وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَعْزَمَ١ دَوَابِّ الْبَرِّ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ، إِنَّكُمَا لَا تَمُوتَانِ. إِنْ أَكَلْتُمَا مِنْهَا، وَلَكِنْ أَعْيُنُكُمَا تَنْفَتِحُ، وَتَكُونَانِ كَالْإِلَهِ، تَعْلَمَانِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ ثَمَرَتِهَا فَأَكَلَتْ، وَأَطْعَمَتْ بَعْلَهَا، فَانْفَتَحَتْ أَبْصَارُهُمَا، وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَوَصَلَا مِنْ وَرَقِ التِّينِ، وَاصْطَنَعَاهُ إِزَارًا، ثُمَّ سَمِعَا صَوْتَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْجَنَّةِ، حِينَ تَوَرَّكَ٢ النَّهَارُ فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ فَدَعَاهُمَا. فَقَالَ آدَمُ: سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْفِرْدَوْسِ، وَرَأَيْتَنِي عُرْيَانًا، فَاخْتَبَأْتُ مِنْكَ. فَقَالَ: وَمَنْ أَرَاكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ، لَقَدْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَيْتُكَ عَنْهَا. فَقَالَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ أَطْعَمَتْنِي. وَقَالَتِ الْمَرْأَة: إِن الْحَيَّة أطغتني.

١ أعزم: أقوى عَزِيمَة وَأكْثر جدية فِي الْأَمر. ٢ تورك النَّهَار: بسط ضوءه، وَتمّ جلاؤه.

1 / 212