105

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Editorial

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Número de edición

الطبعة الثانية

Año de publicación

1419 AH

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
قُلْتُ لَهُ وَلِلْأَوَّلِ: قَدْ لَزِمَتْكُمَا الْحُجَّةُ، فَلِمَ لَا تَنْتَقِلَانِ عَمَّا تَعْتَقِدَانِ إِلَى مَا أَلْزَمَتْكُمَاهُ الْحُجَّةُ.
فَقَالَ: أَحَدُهُمَا لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، لَانْتَقَلْنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّاتٍ، وَكَفَى بِذَلِكَ حَيْرَةً.
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الْحَقُّ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ وَالْحُجَّةِ، وَكُنْتَ لَا تَنْقَادُ لَهُمَا بِالِاتِّبَاعِ، كَمَا تَنْقَادُ بِالْانْقِطَاعِ، فَمَا تَصْنَعُ بِهِمَا؟ التَّقْلِيدُ أَرْبَحُ لَكَ وَالْمُقَامُ عَلَى أَثَرِ الرَّسُولِ ﷺ، أَوْلَى بِكَ.
اخْتِلَافُهُمْ فِي ثُبُوتِ الْخَبَرِ:
قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْخَبَرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَثْبُتُ الْخَبَرُ بِالْوَاحِدِ١ الصَّادِقِ.
وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِإِشْهَادِ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ.
وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِثَلَاثَةٍ، لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾ ٢.
قَالُوا: وَأَقَلُّ مَا تكون الطَّائِفَة، ثَلَاثَة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد:
وَغَلِطُوا فِي هَذَا الْقَوْلِ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ تَكُونُ وَاحِدًا، وَاثْنَيْنِ، وَثَلَاثَةً، وَأَكْثَرَ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ، بِمَعْنَى الْقِطْعَةِ، وَالْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ قِطْعَةً مِنَ الْقَوْمِ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ٣ يُرِيدُ الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ.
وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِأَرْبَعَةٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ ٤.

١ أَي بِرِوَايَة الْوَاحِد.
٢ الْآيَة ١٢٢ من سُورَة التَّوْبَة.
٣ الْآيَة ٢ من سُورَة النُّور.
٤ الْآيَة ١٣ من سُورَة النُّور.

1 / 117