Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Editorial
دار الأدب الاسلامي
Número de edición
الأولى
Géneros
بَلْ إِنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ مَتَى شَاءَ، وَالْوُقُوفِ عَلَى سِرِّهِ مِنْ غَيْرِ تَحَرُّجٍ وَلا تَآثُّمٍ، حَتَّى دُعِيَ بِصَاحِبِ سِرِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
***
رُبِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَاهْتَدَى بِهَدْيِهِ، وَتَخَلَّقَ بِشَمَائِلِهِ(١)، وَتَابَعَهُ فِي كُلِّ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ، حَتَّى قِيلَ عَنْهُ:
إِنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَدْيًا وَسَمْتًا(٢).
***
وَتَعَلَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي مَدْرَسَةِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكَانَ مِنْ أَقْرَإِ الصَّحَابَةِ لِلْقُرْآنِ، وَأَفْقَهِهِمْ لِمَعَانِيهِ، وَأَعْلَمِهِمْ بِشَرْعِ اللَّهِ.
وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حِكَايَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهُ:
جِئْتُ - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - مِنَ الْكُوفَةِ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلًا يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ؛ فَغَضِبَ عُمَرُ غَضَبًا قَلَّمَا غَضِبَ مِثْلَهُ، وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ(٣) وَقَالَ:
مَنْ هُوَ وَيْحَكَ(٤)؟! ...
قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ.
فَمَا زَالَ يَنْطَفِئُ وَيُسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:
(١) تَخَلَّقَ بِشَمَائِلِهِ: تَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِهِ وَاتَّصَفَ بِصِفَاتِهِ.
(٢) السَّمْتُ: الهَيْئَةُ وَالْخُلُقُ.
(٣) شُعْبَتَا الرَّحْلِ: مُقَدِّمَتُهُ وَمُؤَخَّرَتُهُ.
(٤) وَيْحَكَ: وَيْلَكَ.
102