Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Editorial
دار الأدب الاسلامي
Número de edición
الأولى
Géneros
رَأَتْ هِنْدُ زَوْجَةُ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ، أَنَّ ((يَثْرِبَ)) غَلَبَ عَلَى أَهْلِهَا الإِسْلَامُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ السَّادَةِ الأَشْرَافَ أَحَدٌ عَلَى الشِّرْكِ سِوَى زَوْجِهَا وَنَفَرٍ قَلِيلٍ مَعَهُ ...
وَكَانَتْ تُحِبُّهُ وَتُجِلُّهُ، وَتُشْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَمُوتَ عَلَى الْكُفْرِ، فَيَصِيرَ إِلَى النَّارِ.
وَكَانَ هُوَ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ يَخْشَى عَلَى أَبْنَائِهِ أَنْ يَرْتَدُّوا عَنْ دِينِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ، وَأَنْ يَتَّبِعُوا هَذَا الدَّاعِيَةَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، الَّذِي اسْتَطَاعَ فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ أَنْ يُحَوِّلَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ دِينِهِمْ، وَأَنْ يُدْخِلَهُمْ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ.
فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا هِنْدُ، احْذَرِي أَنْ يَلْتَقِيَ أَوْلَادُكِ بِهَذَا الرَّجُلِ [يَعْنِي مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ] حَتَّى نَرَى رَأْيَنَا فِيهِ.
فَقَالَتْ: سَمْعًا وَطَاعَةً، وَلَكِنْ هَلْ لَكَ أَنْ تَسْمَعَ مِنِ ابْنِكَ مُعَاذٍ مَا يَرْوِيهِ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ؟
فَقَالَ: وَيْحَكِ (١)، وَهَلْ صَبَأَ (٢) مُعَاذٌ عَنْ دِينِهِ وَأَنَا لَا أَعْلَمُ؟
فَأَشْفَقَتِ المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ عَلَى الشَّيْخِ وَقَالَتْ:
كَلَّا، وَلَكِنَّهُ حَضَرَ بَعْضَ مَجَالِسِ هَذَا الدَّاعِيَةِ، وَحَفِظَ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُهُ.
فَقَالَ: ادْعُوهُ إِلَيَّ ... فَلَمَّا حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: أَسْمِعْنِي شَيْئًا مِمَّا يَقُولُهُ هَذَا الرَّجُلُ، فَقَالَ:
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.
(١) ويحك: الويل والهلاك، وكثيراً ما تستعمل للترحم والتوجع. (٢) صبأ عن دينه: رجع عن دينه.
77