51

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Editorial

دار الأدب الاسلامي

Número de edición

الأولى

إِنْ أُتيْتُمْ مِنْ قِبَلِي فَبِئْسَ حَامِلُ القُرآنِ أَكُونُ ...

ثُمَّ كَرُّوا عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ كَرَّةً بَاسِلَةً، حتى أُصِيبُ .

وَلَكِنَّ بُطُولَاتِ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً تَتَضَاءَلُ أَمَامَ بُطُولَّةِ البَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

ذَلِكَ أَنَّ خَالِداً حِينَ رَأَى وَطِيسَ (١) المَعْرْكَةِ يَحْمَى وَيَشْتَدُّ، الْتَفَتَ إِلَى البَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَقَالَ: إِلَيْهِمْ يَا فَتَى الأَنْصَارِ ...

فَالْتَفَتَ البَرَاءُ إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ لَا يُفَكِّرَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى المَدِينَةِ؛ فَلاَ مَدِينَةَ لَكُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ ...

وَإِنَّمَا هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ ... ثُمَّ الجَنَّةُ ...

ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَحَمَلُوا مَعَهُ ، وَانْبَرَى يَشُقُّ الصُّفُوفَ، وَيُعْمِلُ السَّيْفَ فِي رِقَابِ أَعْدَاءِ اللَّهِ حَتَّى زُلْزِلَتْ أَقْدَامُ مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ، فَلَجَأُوا إِلَى الحَدِيقَةِ الَّتِي عُرِفَتْ فِي التَّارِيخِ بَعْدَ ذَلِكَ بِاسْمِ «حَدِيقَةِ المَوْتِ»؛ لِكَثْرَةِ مَنْ قُتِلَ فِيهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ .

***

كَانَتْ ((حَدِيقَةُ المَوْتِ)) هَذِهِ رَحْبَةَ الأَرْجَاءِ سَامِقَةَ(٢) الجُدْرَانِ ، فَأَغْلَقَ مُسَيْلِمَةُ وَالْآلَافُ المُؤَلَّفَةُ مِنْ جُنْدِهِ عَلَيْهِمْ أَبْوَابَهَا، وَتَحَصَّنُوا بِعَالِي جُدْرَانِهَا ، وَجَعَلُوا يُمْطِرُونَ الْمُسْلِمِينَ بِنِبَالِهِمْ مِنْ دَاخِلِهَا فَتَسَاقَطُ عَلَيْهِمْ تَسَاقُطَ المَطَرِ .

(١) الوطيس: التَّنور، ويقال حمى الوطيس أي اتقدت نيران الحرب واشتدَّت.

(٢) سامقة الجدران : عالية الجدران .

55