Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Editorial
دار الأدب الاسلامي
Número de edición
الأولى
Géneros
وَاللَّهِ لَوْ أَعْطَيْتَنِي جَمِيعَ مَا تَمْلِكَ، وَجَمِيعَ مَا مَلَّكَتْهُ العَرَبُ عَلَى أَنْ أَرْجِعَ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ طَرْفَةَ عَيْنٍ(١) مَا فَعَلْتُ.
قَالَ: إِذَنْ أَقْتُلُكَ.
قَالَ: أَنْتَ وَمَا تُرِيدُ ...
ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ، وَقَالَ لِقَنَّاصَتِهِ - بِالرُّومِيَّةِ -: ارْمُوهُ قَرِيباً مِنْ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ التَنَصُّرَ فَأَبَى.
فَقَالَ: ارْمُوهُ قَرِيباً مِنْ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ مُفَارَقَةَ دِينِهِ فَأَبَى.
عِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُ، وَطَلَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ يُنْزِلُوهُ عَنْ خَشَبَةِ الصَّلْبِ، ثُمَّ دَعَا بِقِدْرٍ عَظِيمَةٍ فَصُبَّ فِيهَا الزَّيْتُ، وَرُفِعَتْ عَلَى النَّارِ حَتَّى غَلَتْ ثُمَّ دَعَا بِأَسِيرَيْنِ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَرَ بِأَحَدِهِمَا أَنْ يُلْقَى فِيهَا فَأُلْقِيَ، فَإِذَا لَحْمُهُ يَتَفتت ... وَإِذَا عِظَامُهُ تَبْدُو عَارِيَةً ...
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ وَدَعَاهُ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ، فَكَانَ أَشَدَّ إِبَاءً لَهَا مِنْ قَبْلُ.
فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهُ؛ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُلْقَى فِيِ القِدْرِ الَّتِي أُلْقِيَ فِيهَا صَاحِبُهُ فَلَمَّا ذُهِبَ بِهِ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ رِجَالُ ((قَيْصَرَ)) لِمَلِكِهِمْ: إِنَّهُ قَدْ بَكَى ...
فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ جَزِعَ، وَقَالَ: رُدُّوهُ إِلَيَّ.
فَلَمَّا مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَرَضَ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ فَأَبَاهَا.
فَقَالَ: وَيْحَكَ، فَمَا الَّذِي أَبْكَاكَ إِذَنْ؟!
قَالَ: أَبْكَانِي أَنِّي قُلْتُ فِي نَفْسِي: تُلْقَى الآنَ فِي هَذِهِ القِدْرِ، فَتَذْهَبُ
(١) طرفة عين: بمقدارِ ما تَطْرِف العين.
42