Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Editorial
دار الأدب الاسلامي
Número de edición
الأولى
Géneros
لَكِنِّي مَا إِنْ دَخَلْتُ المَسْجِدَ حَتَّى وَجَدْتُهُ قَائِماً يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ صَلَاةً غَيْرَ صَلَاتِنَا، وَيَتَعَبَّدُ عِبَادَةً غَيْرَ عِبَادَتِنَا، فَأَسَرَنِي مَنْظَرُهُ، وَهَزَّتْنِي عِبَادَتُهُ، وَوَجَدْتُ نَفْسِي أَدْنُو مِنْهُ، شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ مِنِّي حَتَّى أَصْبَحْتُ قَرِيباً مِنْهُ ...
وَمَا أَتَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَصِلَ إِلَى سَمْعِي بَعْضٌ مِمَّا يَقُولُ، فَسَمِعْتُ كَلَاماً حَسَناً، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي:
ثكلتكَ (١) امك أَيُّهَا الطُّفَيْلُ ... إِنَّكَ لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ، وَمَا يَخْفَى عَلَيْكَ الحَسَنُ مِنَ القَبِيحِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسْمَعَ مِنَ الرَّجُلِ مَا يَقُولُ ...
فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ حَسَناً قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً تَرَكْتُهُ.
***
قَالَ الطُّفَيْلُ: ثُمَّ مَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ، فَتَبِعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ دَارَهُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ:
يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ قَالُوا لِي عَنْكَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يُخَوِّفُونَنِي مِنْ أَمْرِكَ حَتَّى سَدَدْتُ أُذُنَيَّ بِقُطْنٍ لِئَلَّا أَسْمَعَ قَوْلَكَ، فَمَا أَتَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي شَيْئًا مِنْهُ، فَوَجَدْتُهُ حَسَناً ... فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ ...
فَعَرَضَ عَلَيَّ أَمْرَهُ، وَقَرَأَ لِي سُورَةَ الإِخْلَاصِ وَالفَلَقِ، فَوَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلاً أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا رَأَيْتُ أَمْراً أَعْدَلَ مِنْ أَمْرِهِ .
عِنْدَ ذَلِكَ بَسَطْتُ يَدِي لَهُ، وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَدَخَلْتُ فِي الإِسْلامِ.
***
(١) ثكلتك أُمُّك: فقدتك أُمُّك بالموت.
28