واستخدام صيغ الماضي بكثرة في سورة القصص مثلما ورد في قصة موسى (﵇) مثلًا: ﴿علاَ فِي الأَرْضِ﴾ «١»، ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ «٢»،
﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ﴾ «٣»، ﴿وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ﴾ «٤» ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ
الْمَرَاضِعَ﴾ «٥»، ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ «٦»، ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ﴾ «٧»، مشعر في حد ذاته بأن الزمن الماضي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالزمن الحاضر لا يكاد ينفصل عنه أبدًا، لأن ذلك الاستخدام لا يكاد يفارق ما مضى إلا لدلالة أخرى بقرينة أخرى، فقوله تعالى: ﴿علاَ فِي الأَرْضِ﴾ هو نفسه (يعلو) و(سيعلو) لما ضارع ولما استقبل في دلالته، وكذلك تنبه لهذه الدلالة الماضية الإمام الآلوسي ﵀ برحمته - فقال في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ﴾ «٨»، " (بالأمس) منذ زمان قريب، وهو مجاز شائع، وجوز حمله على الحقيقة، والجار والمجرور متعلق بـ (تمنوا) أو بمكانه، قيل: والعطف بالفاء التي تقتضي التعقيب في (فخسفنا) يدل عليه " «٩» .
(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٩.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٢.
(٦) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٤.
(٧) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٥.
(٨) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٢.
(٩) روح المعاني في تَفْسِير القُرْآن العَظِيْم والسبع المثاني. لأبي الفضل شهاب الدِّيْن السيد محمود الآلوسي البغدادي. ت ١٣٠٧ هـ. إدارة الطباعة المنيرية بمصر (د. ت): ٢٠ / ١٢٤.
1 / 152