Sócrates: El hombre que se atrevió a preguntar
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Géneros
ومن العسير أن أوضح لكم كيف كان الأمر معنا، ولقد خلصنا في نفوسنا أثناء محاكمته، وكنت راغبا جدا بإطلاقه في ذلك الحين إن كان لا بد من ذهابه، فلقد كان كبيرا جدا، ورأيت ألا يستصغر نفسه من أجلنا، ولكنك فيما بعد ترى الناس يتحدثون فتعجب؛ لأن الحياة حياة والموت موت مهما يكن من الأمر، وإن المرء ليساوره الشك في حصافة نفسه، وربما كان سقراط كذلك من الغافلين، في نظر الدنيا على الأقل، والدنيا هي كل ما يهم الإنسان.
ثم عاد سمياس - أحد أصدقائنا - من طيبة يحمل مبلغا جسيما من المال ، وقال صديقه سيبيز الذي صحبه كعادته: إنه كان يستطيع أن يحصل على أكثر من ذلك لو دعت إليه الحاجة، وكان هناك كثيرون آخرون متحمسون للمساعدة، وكانت خطتنا أن نرشو السجان والحرس، وأن نطلق سراح سقراط ليلحق برفاقي في تسالي، ونعني نحن هنا في أثينا بالأطفال إن أراد أن يتركهم، وما كنت أظن أنه يرضى أن ينتزعهم الآن من حقوقهم كمواطنين أثينيين، وما زالت حياتهم كلها أمامهم.
وفي الحق لم أكن متفائلا جدا في الخطة بأسرها، حقا كنا نستطيع أن نرشو السجان، ولم يكن التنكر مشكلة، وكان لدى رجل آمن يصاحب البغال، ولكن الأمر كان يتوقف كله على موافقة سقراط، وكنت من أصدقائه حينما كان سمياس وسيبيز لا يزالان طفلين في مهدهما، وكنت أعرفه حق المعرفة، وكنت أعرف أنه لا يخجل البتة من الموت ولا يخشاه إلا قليلا، وقد تلقاه كضرب من ضروب المغامرة التي ليس منها مفر، ولن يقف الآن ويفر منه إلا إن استطعنا أن نبين له أنه من الخير له أن يفر.
واختاروني لكي أحدثه، وكان لسمياس الحق لو أراد ذلك، ويكادون جميعا أن يفضلوني في الحديث ولكنهم اختاروني، ولم يتسع لي الوقت لكي أفكر في الأمر، وفي تلك الليلة وفدت إلى أثينا جماعة من السفينة المقدسة قادمة من رأس سوينم، وذكرت أن السفينة إنما تنتظر هدوء الريح كي تدور حول الرأس، وأنها سوف تصل في اليوم التالي، وسيلاقي سقراط بالطبع موته في اليوم الذي يليه.
وكان السجان صديقي كما ذكرت، وقد سمح لي بالدخول في وقت مبكر في صبيحة اليوم التالي، وكان لا بد أن يعرف بوجه عام ما كنت أرمي إليه، وتركني في الغرفة وحدي، وكان ذلك قبل بزوغ الفجر، وسقراط لا يزال نائما.
وجلست إلى جواره برهة أراقبه وهو نائم، وقد استلقى ساكنا لا حراك به، ثم تيقظ من تلقاء ذاته، وتولى أمر نفسه توا، وسألني لماذا أتيت، وعن الوقت، ولماذا أذن لي السجان بالدخول، ولماذا لم أوقظه فور وصولي، وعرف في اللحظة الأولى نبأ السفينة، ولم يكن إخطاره بالنبأ أمرا سيئا، إنما كنت أخشى النوع الآخر من السؤال.
ثم قص علي قصة حلم رآه قبيل يقظته: رأى امرأة ترتدي الثياب البيضاء تتفوه بالألفاظ التي استخدمها أخيل عندما كان يفكر في الفرار من طروادة، وقالت له: إنه سوف يعود إلى بيته في اليوم الثالث، وقد فسر ذلك بأنه سيموت بعد غده ولن يموت في غده، ومهما يكن من الأمر فقد اتضح ما كان يدور في رأس سقراط.
ثم شرعت في الحديث، وذكرت له على عجل ما اعتزمت أن أخبره به، قلت: إنه يسيء إلى سمعة رفاقه أولا، وقلت: إننا سنبدو جميعا جبناء، أو كأن حبنا له لا يكفي أن ننفق في سبيل إطلاقه قليلا من المال، وكان في ذهني كما تعلمون أنه لا يريد الفرار من أجل ما قد يصيبنا من أخطار، قلت له إنه لا يجب أن يحسب لذلك حسابا، فإن من حقنا أن نخاطر، وذكرت له ما كان من أمر سمياس وما جاء به من مال، وأصدقائه الآخرين جميعا الذين يودون أن يقدموا له المعونة، وقلت: إننا نستطيع أن نخرج أنفسنا من المأزق بالرشوة لو لزم الأمر، وإن أصدقائي في تسالي سوف يقابلونه بالحب ويوفرون له مكانا آمنا.
وأخيرا لجأت إلى نوع الجدل الذي كنت أعلم أنه كان في انتظاره؛ وذلك أنه ليس من الصواب له أن يستسلم هكذا، ويسمح للمخطئين أن ينتصروا، ويترك أطفاله يتامى، وذكرت له ما سوف يقوله كل امرئ عن قضيته: ما كان ينبغي أن تبلى المحكمة، وما كان ينبغي أن تنقلب إلى ما انقلبت إليه، والآن نراه ونرى أنفسنا جميعا جبناء ضعفاء لا نبرم بشأنها أمرا، وقلت له: إن وقت التفكير قد انقضى، وعلينا أن نعمل، وأن نعمل في تلك الليلة.
ولم يسخر مني - وقد تدفقت مني الكلمات تدفقا كما يحدث لي أحيانا في حالات الانفعال - ولم يقاطعني، ولما فرغت من حديثي قال: إن حماستي أمر له قيمته لو أنها اتجهت وجهة صحيحة، واقترح أن نبحث في صواب الموضوع وخطئه معا، وأحسست كأني سأختنق عندما ذكر ذلك، فقد كان الوقت ضيقا جدا، والخطر عظيما جدا لو وصلنا إلى قرار خاطئ، ومع ذلك فقد كنت أعرف أنه سوف يقول ذلك، وكنت لسبب ما أريده أن يقوله.
Página desconocida