Sócrates: El hombre que se atrevió a preguntar
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Géneros
أما القصة الأخرى فلا تستغرق روايتها وقتا طويلا، لما انتهت الحرب بهزيمة أثينا واستسلامها، عاون القائد الأسبرطي ثرامينس على إقامة حكم دكتاتوري في المدينة، وحل ثرامينس وتسعة وثلاثون رجلا آخرون - يسمون الثلاثين - حلوا محل الجمعية في الحكم، وهم رجال معروفون بمودتهم لإسبرطة أو على الأقل بمعارضتهم للديمقراطية، ولما اتضح أن قوة الشرطة التي تخضع لهم وتسمى ب «الجلادين» لم تستطع أن تقمع المعارضة، أسلمهم القائد حامية من ستمائة جندي إسبرطي ليعسكروا فوق الأكروبول وينفذوا لهم ما يأمرون به.
وانقلب الجنود الإسبرطيون دمارا على «الثلاثين»: أولا لأنهم كانوا مكروهين من الجميع، وثانيا لأنه كان لا بد من دفع أجورهم، والوسيلة الهينة على «الثلاثين» للحصول على المال هي أن يأخذوه، ومن ثم فقد ساروا من سيئ إلى أسوأ: يقتلون أولا خصومهم السياسيين، ثم من قد ينقلبون عليهم خصوما سياسيين، وأخيرا أولئك الذين لا سياسة البتة لهم ولكنهم أثرياء، وكان من عادتهم أن يزجوا بالرجال الأمناء في مشاركتهم فيمن يلقون القبض عليهم لكي تمسهم الجريمة، ويلزموا بتأييد الثلاثين فيما بعد، وبطبيعة الحال سقط الثلاثون في النهاية وعادت الديمقراطية، بيد أنها لم تعد إلا بعد مقتل المئات من الرجال الأبرياء، وتحويل مئات آخرين يفوقونهم عددا إلى سفاكين قاتلين.
ولما بلغ الإرهاب ذروته، دعي سقراط مع أربعة رجال آخرين للمثول أمام الثلاثين وطلبوا إليه أن يقبض على رجل ما، وكان الثلاثون يجلسون كعادتهم في قاعة المدينة، حيث كانت مكاتبهم مجاورة لغرفة مجلس الخمسمائة، وقد أبقوا على هذا المجلس - مؤلفا من خاصة رجالهم - وحولوه إلى محكمة لمحاكمة الناس الذين يلقى القبض عليهم، إلا أنهم كانوا يحبون حضور هذه المحاكمات بأنفسهم حتى يتأكدوا أن أحدا منهم لا يبرأ، وقد مثل سقراط أمام الثلاثين مرة قبل هذه، وأمر أن يكف عن «تعليمه»، وهو أمر لم يفكر في طاعته؛ ولذا فلا بد أن يكون الشك قد ساوره هذه المرة، حينما دعاه الداعي، إن كان سوف يعود ذلك المساء إلى العشاء.
وكان سقراط يعرف بعض أفراد الثلاثين معرفة جيدة، عرف ثرامينس بطبيعة الحال في مشكلة القواد الستة، وكان أكثر معرفة بكرتياس ابن عم أم أفلاطون، الذي بدأ ينتزع الزعامة من ثرامينس الذي كان أكثر منه اعتدالا، وذلك كلما اشتدت الدكتاتورية عنفا، وكان كرتياس ينتمي إلى جماعة سقراط في وقت من الأوقات، منذ سنوات، وإن يكن من الجلي أن مهارة سقراط في الجدل هي التي اجتذبته ولم يجتذبه ما لديه من أفكار، وسر سقراط أن يرى أن أفلاطون لم يكن من بينهم، فإن كارميدس عم أفلاطون قد انضم إلى كرتياس، ولكن أفلاطون نفسه رفض ذلك.
وكانت الأوامر التي تلقاها سقراط والرجال الأربعة الآخرون من الثلاثين مماثلة للأوامر التي صدرت من قبل لكثيرين غيرهم من العاجزين، كان عليهم أن يهبطوا إلى الميناء ثم يعبروا البحر إلى جزيرة سلامس ليلقوا القبض على «الخائن» ليون ليحاكم أمام المجلس، وكان ليون رجلا غنيا، وإن كان الثلاثون لم يذكروا ذلك، ومما لا جدال فيه أنهم سيصمونه بالإثم، ثم ينفذون فيه الإعدام، وقد تم ذلك فعلا؛ لأن الرجال الأربعة الذين صدر إليهم الأمر بالتنفيذ اقتفوا أثر ليون وعادوا به إلى الثلاثين، وتوجه سقراط إلى بيته.
وقد حذر سقراط - كما حذر الآخرون - مما يحيق به لو أنه عصى الأمر، وكان هو وزانثب وأبناؤه يتوقعون وقع أقدام الحرس الإسبرطي عند الباب ساعة بعد أخرى، ولكنهم لم يحضروا لسبب من الأسباب، ولم ينقض وقت طويل بعد ذلك حتى أذهل ثرامينس الأثينيين جميعا بالمخاطرة بحياته في سبيل وقف أحكام الإعدام، ويعتقد زنفون - صديق سقراط الذي دون تاريخ هذه الفترة - أن موضوع ليون السلامسي كان في ذهن ثرامينس عندما قدم دفاعه أمام المجلس في نهاية الأمر، وفشل ثرامينس وقتله كرتياس، واستمر الإرهاب حتى قاتل الديمقراطيون المنفيون وشقوا طريقهم عائدين إلى المدينة.
غير أنه قد حدث بعد ذلك أمر عجيب مرة أخرى، وبقي سقراط دون مساس.
الفصل الحادي عشر
سقراط يتوجه إلى المحكمة
كان العام الأول من الأولمبياد الخامس والتسعين، وهو العام الذي سمي فيما بعد بعام ثلاثمائة وتسع وتسعين قبل ميلاد المسيح، وقد جاوز سقراط الآن عيد ميلاده السبعين، وعاش بعد عصر بركليز خلال الهزة المريعة: هزة الحرب مع إسبرطة وخلال الثورة والدكتاتورية، حتى كانت سنوات السلم الأولى من عهد الديمقراطية العائدة.
Página desconocida