Sócrates: El hombre que se atrevió a preguntar
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Géneros
وكان عند سقراط سر من الأسرار، وأحس ذلك ألقبيادس منذ البداية، وشرع في الكشف عنه، وكأن سقراط كان يعيش في مدينة أخرى، كل ما يملك ألقبيادس وكل ما يقيم له وزنا لا يساوي فيها شيئا، وكان سقراط يطوف بشوارع أثينا، يحيا حياتها في عزم وقوة كما يحياها أي إنسان، يتفكه ويداعب ويستمتع، ويتعرف إلى اسم كل من فيها، شغوفا بكل أخبارها وأبنائها، في حين أنه كان خلال ذلك كله يسكن مدينته الأخرى.
ولما تحدث ألقبيادس إلى سقراط رأى في المدينة التي كان يعيش فيها الرجل لمحات غريبة أخاذة أوضح مما رأى غيره من الناس، كان المرء في مدينة سقراط حرا، كان حرا بمعنى جديد لم يدركه ألقبيادس من قبل، كان حرا في أن يعمل كل شيء في اتجاه واحد واضح، لا تتجاذبه مئات الاتجاهات من الدوافع والمخاوف والمكاره، وكأنها مائة أستاذ مختف يجذبونه في هذه الناحية وفي تلك، وبمقياس مدينة سقراط وجد ألقبيادس نفسه عبدا.
كل شيء آخر كان مقلوب الوضع في مدينة سقراط، وربما كانت مدينة سقراط صحيحة الوضع، وغيرها من مدائن الناس مقلوبا، وما ألف ألقبيادس أن يلقى في أثينا من استحسان وإعجاب، يحسهما على كتفيه كالرداء الأرجواني، انكمش حتى تلاشى في الجو الثاقب الذي كان يسود مدينة سقراط ، وحتى جسم الرياضي لم يشاهد هناك، ووقف ألقبيادس في روح عارية ضعيفة صغيرة عندما نظر إليه سقراط وأحس بالبرودة؛ لأن المواطنين في مدينة سقراط كانوا يرتدون ثيابا أخرى كالحق والاستقامة، لا تقليد الحق والاستقامة الذي كان يسود أثينا، ذلك الثوب الكئيب الضيق الذي يخجل المرء أن يرتديه أمام الجمهور، وللحق والاستقامة في مدينة سقراط كل ما للشر في مدائن الناس الأخرى من قوة وحرية.
وكم كان ألقبيادس يود أن ينتمي إلى مدينة سقراط، وكان يعرف أن سقراط يسره أن ينضم إليه، إلا أنه كانت عليه ضريبة لا بد أن يؤديها قبل أن يدخل المدينة، وكان في ذلك برهان آخر على غرابة المدينة، فلقد كان ألقبيادس غنيا، وكان سقراط فقيرا، ومع ذلك فإن ضريبة الدخول في مدينة سقراط كادت أن تربو على ما يستطيع ألقبيادس أن يؤديه، وأسوأ من ذلك أنه بدا لألقبيادس كأن الإقامة في المدينة تقتضيه أن يدفع الثمن عدة مرات حتى يصبح بالنسبة إليه لا شيء كما هو لسقراط.
وقل في أثينا من كان يدرك شيئا مما كان يجري بين سقراط وألقبيادس، وما كان يجري بين ألقبيادس ونفسه، إنهم كانوا يلمسون ما كان يحدث في الظاهر تماما، يشهدونهما متلازمين في أغلب الأحيان حتى باتت صداقتهما الوثيقة حديث العامة، ثم أصبحت أمرا مألوفا، كما كانوا يشهدون ألقبيادس في الوقت ذاته يتطور من طفل مدلل إلى شاب مندفع خطر، وقد أعجبوا بذكاء ألقبيادس في ذلك الحين ودللوه من أجلها، وحملوا سقراط فيما بعد تبعة الضرر.
تلك كانت أعنف ما عقد سقراط من صداقات وأكثرها إثارة للمشاعر، وهي دليل على مقدار ما رأى في ألقبيادس من مكانة حتى آثر أن يتريث وأن يصبر، فإن ألقبيادس سوف يتبع سقراط في لحظة من اللحظات كما يتبعه الكلب المربوط بالحبال، وفي لحظة أخرى سوف ينطلق في مغامرة وحشية فينطق أثينا كلها بالكلام، وكان سقراط ومدينته في ذهنه شيئا واحدا، فإذا فر من أحدهما فر من الآخر.
وأذكر على سبيل المثال أنه ذاع بين الناس ذات يوم أن ألقبيادس قد سار نحو هبونكس - ذلك الرجل الصلب الواسع الثراء، الذي تزوج من ابنته فيما بعد - وصفعه على وجهه، أتدرون لماذا؟ «أوه، إنكم تعرفون ألقبيادس، ربما كان رهانا أو كان مزاحا!» وذاعت عنه في اليوم التالي قصة أخرى أشد من ذلك رعبا، فلقد تقدم ألقبيادس بالاعتذار فعلا.
وعفا عنه هبونكس بطبيعة الحال، وكان الناس دائما يعفون عن ألقبيادس بقلوبهم، وإن كانوا قد تعلموا ألا يثقوا فيه بعقولهم، وعفا عنه أيضا صديق آخر من أصدقائه يدعى أنتيس، وذلك عندما سطا ألقبيادس على منزله وانتشل نصف ما أعده أنيتس لحفل من الأطباق الموشاة بالذهب والفضة، وقال أنيتس لضيوفه: «نستطيع أن نشكره؛ لأنه ترك لنا نصف الأطباق.»
وظن الناس أن هذه قصة مثيرة سارة، وأرادوا أن يعرفوا كيف أغلق على المصور أجاثاركس بيته حتى غطى جدران البيت كلها بالصور، وكيف حمل زوجه على كتفه وعاد بها إلى بيته، وذلك عندما ذهبت إلى المحكمة تطلب الطلاق منه كما استحق، وربما كان سقراط وحده في المدينة كلها هو الرجل الذي راقب ألقبيادس دون أدنى إعجاب خاص بخروجه على القانون، وكان ذلك مما يدعو إلى الحسرة؛ لأن ألقبيادس كان سريع الإدراك لما يعجب به الناس، سريع الأداء له، ولو أن أحدا غير ألقبيادس نفسه كان يحمل وزر الضرر فيما بعد، فذلكم هم أهل أثينا الذين ظنوا أن شيئا من فعل الشر يثير المشاعر ويجذب الأنظار.
ولما صحب ألقبيادس سقراط استطاع أن يقوم بعمل غير هذا، وقد قضيا خير أوقاتهما في حملة بوتديا، وكان ذلك أول عهد ألقبيادس بالقتال، وقد أذهل أصدقاءه بخدمته في سلاح المشاة، إذ إن كل الشباب من طبقته وثرائه كانت لهم الجياد، وتدربوا لسلاح الفرسان بطبيعة الحال، وقد صار ألقبيادس نفسه من ضباط الفرسان فيما بعد، ولكنه الآن كان يخدم في المشاة ويقاسم سقراط خيمته، والظاهر أنه تخلى عن كبريائه لكي يصحب زميله.
Página desconocida