Sócrates: El hombre que se atrevió a preguntar
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Géneros
وقهقه أقريطون وملسياس وجلوكن بالضحك عاليا، وشاركهم أرستون، وكان رياضيا طيبا.
وقال أقريطون: «ينبغي أن أحذرك يا أرستون، إنك لا تستطيع أن تهزم سقراط في المساجلة.»
وتبسم سقراط، ولكنه هز رأسه وقال: «لست أنا الذي هزمت أرستون، وإنما هزمه الجدل نفسه، ولم تكن مساجلة يا أقريطون.» وأضاف إلى ذلك وقد ازداد جدا: «وأظنك تعرف أنها لم تكن مساجلة.» إن طبقة جديدة منا ممن تبلغ السن تقسم هذه اليمين كل عام، وقد نمزح بشأن «أسلحتنا المقدسة» في مسير طويل حار، ولكنا نقصد كذلك ما نقول، من منا لا يريد أن يترك أثينا خيرا مما وجدها؟ إذن فكيف ننفذ ما نريد؟ إننا نعنى بالأشياء التي تتعلق بالمدينة ولكنا لا نعنى بالمدينة ذاتها، نبني السفن والمواني والترسانات، كأننا نجعل المدينة أحسن مما كانت بجعلها كبيرة قوية وقادرة على أن تفعل «ما تشاء» بجهلها الأحمق، يا كلب مصر! متى يتيقظ الأثينيون ويدركون مقدار ما علينا أن نتعلمه!
ألقى سقراط هذا الحديث الطويل، وحدق فيه الأربعة الآخرون لحظة في صمت، وكاد أقريطون أن يعود إلى الكلام حينما جاء من الظلام إلى دائرتهم متثاقلا أحد الأشخاص، ذلك هو ليسيكليز من الخيمة المجاورة.
وقال: «لقد حضرت لتوي من لدن القائد أندوسيديز أحمل نبأ، لقد ثار حزب الأرستقراط في ميغارا في وجه حاميتنا هناك، وذبحوا أفرادها، والبلاد كلها في هياج، واشتركت في المؤامرة كورنث وأبيدورس وسيكيون، وفر من الرجال رجل يحذرنا، بيد أن الثوار يستولون على طريق أثينا، ولسنا ندري إن كان قد استطاع أحد الأفراد أن يتسلل إلى بركليز أو لم يستطع، وإنا الآن نتوقع الإسبرطيين من خلفنا في أية لحظة، تأهبوا للمسير عند الفجر.»
وهكذا بدأت مغامرة سقراط العسكرية الأولى، تيقظ مع غيره قبل الفجر، وسار في الظلام يتعثر ويتحسس، وعندما بزغ الخيط الأول من خيوط النهار صدر الأمر، وابتعدوا عن المكان سائرين في أشد ما يكون الصمت، وهبطوا خلال الغابات الندية، مترقبين أن يقابلهم في الطريق كمين، ولكنهم لم يجدوه، وما إن هبط الأثينيون من التلال المرتفعة، حتى كانوا في بقعة لا بد أن يقرر فيها قرار، حيث يتشعب الطريق يمينا ويسارا، يمينا إلى ميغارا ومنها إلى أثينا، وهو الطريق إلى الوطن، الذي يسده جنود العدو، ويسارا إلى الشمال وإلى جبال بيوتيا، جارة أثينا من الشمال، وأصدر أندوسيديز أمره بالاتجاه يسارا.
ويرى كتاب التاريخ المتأخرون أن هذا المسير لم تكن له أهمية تذكر، فما هو إلا مسير القائد أندوسيديز وثلاث فصائل قبلية تشق طريقها إلى الوطن متخذين دروب البغال ومسالك الغنم خلال الجبال الشمالية المقفرة، ولكنه لم يخل من الأهمية بالنسبة لسقراط وصحبه، فلقد قاتل سقراط في معارك شهيرة فيما بعد، في المعارك التي تحدث عنها الناس الآخرون، وإن كان سقراط لم يذكر قط رأيه فيها، إلا أن الجندي ينبغي أن يلزم مكانه، كان جنديا شجاعا، بل شجاعا يشار إليه بالبنان فيما بعد، ولا بد أنه كان زميلا طيبا لأقريطون ولغيره في هذه الحملة الأولى.
وقد اتخذوا الطريق الشمالي إلى باجي، وهي القرية التي تقع على البحر حيث ينتهي الطريق، ثم تابعوا مسيرهم على دروب البغال إزاء الساحل، ودرب البغال معناه أن يكون الطريق وعرا حجريا غير مستو، وكثيرا ما تنزلق فوقه الأقدام، وساروا هنا في صف واحد، يسير كل منهم على هواه، ولا يوحدون الخطى، وفي أسفل، في السهول المنزرعة الصغيرة التي عبروها مرة أو مرتين، كان الطريق عبارة عن وحل جاف متخلف من فصل الربيع، ولا يقل عن الطريق السابق سوءا، ومروا بقريتين متزاحمتين، وانتهوا عند قلعة رمادية اللون بالقرب من البحر، وكان ذلك عندما كادوا يتأهبون للتوغل داخل البلاد.
وكان لا بد أن يتوغلوا في الداخل، وقد فقدوا الأمل في أن يجدوا هنا سفنا أثينية تنقذهم في الوقت الملائم حتى لو عرف مواطنوهم مكانهم، ولما كانوا جميعا قد ولدوا ونشئوا على شاطئ البحر كان شعورهم إزاءه وديا، يمقتون أن يهجروه إلى الجبال.
وكانت جبالا حقيقية، فمن فوقهم السلسلة الكبرى لجبال سثيرون شامخة تناطح السماء، وقد عرفوا أن الميناد، عبدة ديونيسس إله الخمر أنصاف المجانين قد رقصن فوقها، وهن نساء يستطعن تمزيق الحيوانات الكاسرة إربا إربا بأصابعهن البيضاء، وكان من السهل أن يتصوروا حدوث ذلك فوق هذا الجبل ذي القمم الرمادية، والذي تكسوه أشجار الصنوبر المتشابكة النحيلة، وكذلك كانت الدروب سيئة ومحيرة، وقد يضل الأثيني طريقه إذا لم يرشده مرشد.
Página desconocida