Supplication in the Book of Allah
التوسل في كتاب الله عز وجل
Editorial
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Número de edición
السنة السادسة والثلاثون
Año de publicación
١٢٤ - ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م.
Géneros
ما في سورة الفاتحة من توسلات
إن أول ما يتلوه قارئ كتاب الله تعالى أمّ القرآن، والفاتحة قد اشتملت على توسلات لله تعالى هي من أعظم ما يتوسل به العبد لربه تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾
الحمد وأول ما يتوسل به العبد هو حمده لربه جل وعلا وشكره له بوصفه ربًاّ للعالمين، أي خالقهم ورازقهم ومدبر أمورهم ومصرف أحوالهم، الذي يربيهم بنعمه وإحسانه، وهو جل وعلا الرحمن الذي شملت رحمته كل خلقه من برٍّ وفاجر في الدنيا، وهو جل وعلا الرحيم بعباده المؤمنين كما قال تعالى ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ ١ فهذا توسل بأسمائه تعالى الحسنى وبصفاته العلى، وهو جل وعلا مالك يوم الدين وهو يوم القيامة حيث يجازي الخلق بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ثم يتوجه العبد إلى ربه ويتوسل إليه بتوحيده له قائلًا: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.﴾ أي نخصك يا ربنا بالعبادة، ونفردك بها، فلا نعبد أحدًا سواك، ولا نتوجه إلى أحد غيرك كائنًا من كان، ونخصك بالاستعانة على العبادة وعلى أمورنا كلها، فلا نتوكل على أحد سواك.
وبعد هذه التوسلات العظيمة بشكره جل وعلا وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وبتوحيده ﵎ يدعو العبد قائلًا: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ﴾ فدل ذلك على أن أعظم ما يسأله العبد ربه إنما هو الهداية إلى صراطه المستقيم الذي هو دين الله الذي بعث به رسوله ﷺ، وأنزل به كتابه الكريم، وهو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين٢،
_________
١ الأحزاب: ٤٣
٢ قال الله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩]
1 / 22