57

Summary of the Islamic Conquests

موجز عن الفتوحات الإسلامية

Editorial

دار النشر للجامعات

Número de edición

-

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

نجدهما يشتركان في هدف واحد هو العمل -ما أمكنهما- على نشر كلمة الله ﷾ في المغرب، وإن اختلف كل منهما في القيام بهذا الواجب. فقد كان عقبة عسكريا صرفان تميل طبيعته إلى حسم الأمور، مستخدما سيفه وجنده. بينما كان أبو المهاجر رجلا سياسيا محنكا، استخدم السيف حين كان له ضرورة، ومال إلى اللين ليتمن من قلوب بعض البربر ويضمهم إلى الإسلام، ويخرجهم من ساحة الأعداء، إلى ساحة المحايدين١. وكان أبو المهاجر دينار أول قائد مسلم يقدر على أن يخرج من سهل تونس ويتوغل في هذاب "المغرب الأوسط" ويهاجم القبائل البربرية في مواطنها الحصينة، ووصلت غزواته إلى "تلمسان"، وهي أكبر قواعد القسم الشرقي من المغرب الأوسط. وفي هذه النواحي كانت منازل قبيلة "أوربة"، وهي قبائل البربر "البرانس" في ذلك الحين، ويدين أفرادها بدين النصرانية. ويتزعمها رجل بربري قوي يسمى "كسيلة بن لمرم"٢، وكان متحالفا مع الروم البيزنطيين ضد العرب. وقد استطاع أبو المهاجر أن يغزو مواقع "أوربة" في جبال "الأوراس"، وأن يكتسب رئيسها كسيلة" إلى الإسلام، فأسلمن وتبعه نفر كبير من قومه٣. وبعد أن قضى أبو المهاجر في هذا الغزو نحو من سنتين "٥٩-٦١هـ" على إلى معسكره، وأقام به عاما واحدا حتى عزل. وكان الظروف السياسية في عاصمة الدولة الإسلامة "دمشق" قد تغيرت، فمات الخليفة معاوية "سنة ٦٠هـ/ ٦٧٩م"، وتولى من بعده ابنه يزيد. وكان يزيد مقتنعا بعقبة بن نافع وحسن بلائه في فتح إفريقية، فأعاده مرة أخرى إليها -بعد أن استجاب لشكواه- وعزل أبا المهاجر "سنة ٦٢هـ/ ٦٨١م"٤.

١ راجع: دراسات أندلسية، للدكتور محمد عبد الحميد عيسى "ص٢٥". تاريخ المغرب العربي للدكتور سعد زغلول "١/ ١٥٢". ٢ كسيلة -بفتح الكاف وكسر السين المهملة، وهذا هو الصحيح. وقد ضبطت في "البيان المغرب ١/ ٢٨، ٢٩". بضم الكاف وفتح السين. وأما "لمرم" فهي بفتح اللام والراء، وبينهما ميم ساكنة، وآخرها ميم "راجع: فتح العرب للمغرب ص١٧". ٣ راجع: معالم تاريخ المغرب والأندلس ص "٣٧-٣٨"، وفجر الأندلس ص"٤٠" "وكلاهما لحسين مؤنس". وراجع عن دور أبي المهاجر دينار في حملته "البيان المغرب ١/ ٢٨-٢٩". والعبر، لابن خلدون "٦/ ١٤٦". ٤ البيان المغرب "١/ ٢٢".

1 / 69