Summary of the Explanation of the Principles of Rulings
خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام
Investigador
-
Editorial
-
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
Géneros
ترجمة المؤلف:
هو القاضي فيصل بن عبد العزيز بن فيصل بن محمد بن مبارك بن عبد الرحمن بن حسن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن راشد بن علي بن سليمان بن حمد آل أبو رباع البشري.
مولده:
وُلِد في بلدة حريملاء بنجد عام ١٣١٣ ثم انتقل إلى الرياض مع بعض أسرته عام ١٣٢٠، وقُتِل والدُه في وقعة البكيرية عام ١٣٢٢، وكان عمر فيصل آنذاك تسع سنوات فتكفَّل به وبإخوته عمُّه محمد.
مشايخه:
حرص منذ صغره على حفظ القرآن الكريم فحفظه وأتقنه وهو في الثامنةَ عشرةَ من عمره على يد الشيخ عبد العزيز الخيال.
اهتمَّ بكتب الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب، وحفظ المتون والمنظومات في جميع العلوم الشرعية، وذلك بعد عودته إلى بلدته حريملاء عام ١٣٣١.
ومن المشايخ الذين تلقَّى العلم عنهم: الشيخ عبد العزيز الخيال، والشيخ ناصر بن محمد بن ناصر، والشيخ محمد بن فيصل بن مبارك، والشيخ عبد الله بن حمد الحجازي، والشيخ عبد الله بن فيصل الدوسري،
1 / 5
والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، والشيخ حمد بن فارس، والشيخ عبد الله بن راشد في اليمن، والشيخ عبد الرحمن بن داود بحريملاء، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ عبد العزيز النمر، والشيخ عيسى بن عكاس قاضي الإحساء، والشيخ عبد العزيز بن بشر، والشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع، وذلك في قطر.
كما درس على يد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار النجدية، والشيخ محمد بن حمد آل مبارك، وقاضي المجمعة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، وغيرهم من المشايخ.
تولى الوعظ والإرشاد بالحجاز وتهامة في عهد الملك عبد العزيز آل سعود، وشارَك في وقعة جراب مع الملك عبد العزيز، وتولى أيضًا القضاء في كلٍّ من: تثليث، وأبها، وبيشة، وتربة، والخرمة، والقنفذة، وضرما، والجوف، توفي بالجوف بعد أن أسس بها مسجدًّا، وكان له نشاط واسع في الدعوة بها، وكانت وفاته عام ١٣٧٦هـ.
تلاميذه:
تلقَّى العلم على يد الشيخ كثيرٌ من الطلبة نذكر بعضًا منهم: سعد بن محمد بن فيصل المبارك، وعبد الله بن عبد الوهَّاب، وحمود بن متروك البليهد قاضي دومة الجندل، والشيخ عبد العزيز العقل، وإسماعيل بن بلال الدرعان، وصالح بن مترك البليهد، وعارف مفضي المسعر، وعبد الله بن حمود قاضي طريف، وعمر المريح، وشقيق المرزوق، وعبد الرحمن بن عطا الشايع، وعبد المصلح المريح، وفياض المسعر، وعواد الراشد، وعبد الواحد الحموان، وعثمان عطية، ويوسف الحشاش، وأحمد القايد، وعقيل بن عطا الشايع، وخليف المسلم، وإبراهيم بن خليف، وعيسى العيساوي، وغيرهم.
1 / 6
مؤلفاته:
للشيخ مؤلفات كثيرة وغالبها مختصرات وطبع كثيرٌ من هذه المؤلفات وعليها إقبال شديد من طلبة العلم ومن مؤلفاته:
١ - كتاب في التوحيد، مخطوط ولكنه فُقِد.
٢ - خلاصة الكلام شرح الشيخ فيصل آل مبارك على عمدة الأحكام وهو كتابنا هذا، وهو من أنفع الشروح وأصحِّها، وطبع مرتين ولشدة الحاجة إليه
نقدِّم هذه الطبعة الجديدة وبها هذه الترجمة الموجَزة لشارحه - رحمه الله تعالى - ونسأل الله - تعالى - أن يعمَّ بها النفع.
٣ - له تفسير للقرآن الكريم وهو "توفيق الرحمن في تفسير القرآن"، مطبوع في أربع مجلدات.
٤ - أربع المختصرات النافعة مطبوعة وهي:
أ - تعليم الأحب أحاديث النووي وابن رجب.
ب - الدلائل القاطعة في المواريث النافعة.
جـ - مفتاح العربية على متن الأجرومية.
د - غذاء القلوب ومفرج الكروب.
٥ - بستان الأخيار مختصر نيل الأوطار، مجلدان مطبوع.
٦ - تجارة المؤمنين في المرابحة مع رب العالمين، مجلد مطبوع.
٧ - المجموعة الجليلة وهي ثلاث مختصرات:
أ - مختصر الكلام على بلوغ المرام.
ب - محاسن الدين على متن الأربعين.
جـ - مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد.
1 / 7
٨ - كلمات السداد على متن الزاد، وهي اختصار لزاد المستقنع هو مطبوع.
٩ - تذكرة القارئ مختصر فتح الباري وهو ثمانية مجلدات.
١٠ - المرتع المشبع من الروض المربع، أربعة مجلدات.
١١ - السبيكة الذهبية على متن الرحبية.
١٢ - القول في الكرة الجسيمة الموافقة للفطر السليمة، مجلد واحد.
هذه بعض مؤلفاته ومختصراته، وهي من أنفس الكتب والمختصرات؛ لذلك كان حرص طلبة العلم على اقتنائها شديدًا لما لها من الفائدة العظيمة وسهولتها، جزى الله مؤلفها خير الجزاء ورحمه الله رحمة واسعة.
* * * *
1 / 8
"قال الشيخ الحافظ تقيُّ الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الله بن علي بن سرور المقدسيُّ - رحمه الله تعالى -: الحمد لله الملك الجبَّار، الواحد القهَّار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفَّار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المختار، ﷺ وعلى آله وصحبه الأخيار.
أمَّا بعدُ، فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة في أحاديث الأحكام، مما اتَّفق عليه الإمامان: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، فأجبته إلى سؤاله رجاء المنفعة به، وأسأل الله أن ينفعنا به ومَن كتبه أو سمعه أو قرأه أو حفظه أو نظر فيه، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، مُوجِبًا للفوز لديه في جنات النعيم، فإنه حسبنا ونعم الوكيل".
هذا الكتاب من أصحِّ الكتب وأنفعها، ولا بُدَّ لطالب العلم من حفظه؛ فإن أحاديثه صحيحة صريحة جامعة لما تفرَّق في غيره من كتب الحديث، ومؤلفه هو الإمام العالم العامل القدوة الحافظ عبد الغني بن عبد الله بن علي بن سرور المقدسي الدمشقي المولود سنة خمسمائة وإحدى وأربعين، والمتوفى سنة ستمائة، كان كثير العبادة ورعًا متمسِّكًا بالسنة - رحمه الله تعالى.
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن": ورأيت أهل العلم في زماننا قد حصلوا حزبين وانقسموا إلى فرقتين: أصحاب حديث وأثر، وأهل فقه ونظر، وكل واحدة منهما لا تتميَّز عن أختها في الحاجة، ولا يستغنى عنها في درك ما تنحوه من البغية والإرادة؛ لأن الحديث بمنزلة الأساس الذي هو الأصل، والفقه بمنزلة البناء الذي هو له كالفرع، انتهى.
* * * *
1 / 9
كتاب الطهارة
الحديث الأول
عن عمر بن الخطاب ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إنما الأعمال بالنيات - وفي رواية: بالنية - وإنما لكلِّ امرئ ما نوى؛ فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوَّجها فهجرته إلى ما هاجَر إليه» .
الطهارة في اللغة: التنزُّه عن الأدناس والأقذار، وفي الشرع: رفع ما يمنع الصلاة - من حدث أو نجاسة - بالماء أو التراب عند عدم الماء.
قال الله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: ٦] .
قوله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات ...» إلى آخره: هذا حديث عظيم جليل القدر، كثير الفائدة، قال عبد الرحمن بن مهدي - رحمه الله تعالى -: ينبغي لكلِّ مَن صنَّف كتابًا أن يبتدئ فيه بهذا الحديث؛ تنبيهًا للطالب على تصحيح النية.
وقال الشافعي - رحمه الله تعالى -: يدخل في سبعين بابًا من العلم.
وقال ابن مهدي أيضًا: ينبغي أن يُجعَل هذا الحديث رأس كلِّ باب.
وقال البخاري - رحمه الله تعالى -: "باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكلِّ امرئ ما نوى"، فدخل فيه الإيمان والوضوء
1 / 10
والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام.
ولفظة (إنما) للحصر؛ أي: لا يُعتَدُّ بالأعمال بدون النية.
قوله: «إنما لكلِّ امرئ ما نوى» قال ابن عبد السلام: الجملة الأولى لبيان ما يُعتَبَر من الأعمال، والثانية لبيان ما يترتَّب عليها، والنية هي القصد، ومحلُّها القلب، ولم يُنقَل عن النبي ﷺ ولا عن أصحابه ولا التابعين ولا الأئمة الأربعة، قول: نويت أتوضأ، ونويت أصلي، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، وقد قال الله - تعالى -: ﴿قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: ١٦] .
ووجه إدخال هذا الحديث في كتاب الطهارة الإشارة إلى أنها لا تصحُّ إلا بالنية.
قوله: «فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله»؛ أي: مَن كانت هجرته إلى الله ورسوله نيةً وقصدًا فهجرته إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا.
و(الهجرة): الانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان، وفي الحديث الصحيح: «المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هَجَر ما نهى الله عنه» .
قوله: «مَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه»، قال الحافظ العسقلاني - رحمه الله تعالى -: مَن نوى بهجرته مفارقةَ دار الكفر وتزوُّج المرأة معًا فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة، بل هي ناقصة بالنسبة إلى مَن كانت هجرته خالصة.
وقال ابن دقيق العيد: نقلوا أن رجلًا هاجَر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأةً تسمى أم قيس، فلهذا خصَّ في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوي به، قال ابن مسعود: فكنَّا نسمِّيه مهاجر أمِّ قيس، والله أعلم.
* * *
الحديث الثاني
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يقبل الله صلاةَ أحدكم إذا أحدث حتى يتوضَّأ» .
(الحَدَث): هو الخارج من أحد السبيلين.
والحديث يدلُّ على بطلان الصلاة بالحدث، وأنها لا تصحُّ إلا من متطهِّر، وعلى أن الوضوء لا يجب لكلِّ صلاة ولكنه
1 / 11
مستحب؛ لما روى الترمذي عن ابن عمر ﵄ قال رسول الله ﷺ: «مَن توضَّأ على طُهْرٍ كُتِب له عشر حسنات»، والخارج من أحد السبيلين ناقض بالإجماع، فأمَّا غيره من النواقض فمختَلَف فيها، وقد ورد في ذلك أحاديث والعمل بها أحوط، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة ﵃ قالوا: قال رسول الله ﷺ: «ويلٌ للأعقاب من النار» .
هذا الحديث دليلٌ على وجوب غسل الرجلين، وتعميم أعضاء الوضوء بالغسل، قال البخاري: "باب غسل الرجلين، ولا يمسح القدمين"، وساق حديث عبد الله بن عمرو قال: "تخلَّف النبي ﷺ عنَّا في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضَّأ ونمسح على أرجلنا فنادَى بأعلى صوته: «ويلٌ للأعقاب من النار» مرتين أو ثلاثًا".
وفيه دليلٌ على رفع الصوت بالإنكار، وتكرار المسألة لتُفهَم، وتعليم الجاهل.
وروى مسلم عن عمر بن الخطاب ﵁ أن رجلًا توضَّأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي ﷺ فقال: «ارجع فأحسن وضوؤك»، فرجع ثم صلَّى.
قال الحافظ: وإنما خُصَّت الأعقاب بالذكر لصورة السبب، كما تقدَّم في حديث عبد الله بن عمرو فيلتحق بها ما في معناها من جميع الأعضاء التي قد يحصل التساهُل في إسباغها.
وفي الحاكم وغيره من حديث عبد الله بن الحارث: «ويلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النار» .
قال ابن خزيمة: لو كان الماسح مؤدِّيًا للفرض لما تُوُعِّد بالنار.
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أجمع أصحاب رسول الله ﷺ على غسل القدمين"؛ رواه سعيد بن منصور، وبالله التوفيق.
* * *
1 / 12
الحديث الرابع
عن أبي هريرة ﵁: أن رسول الله ﷺ قال: «إذا توضَّأ أحدكم فليجعل على أنفه ماءً ثم ليَنثُر، ومَن استجمر فليُوتِر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثًا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، وفي لفظٍ لمسلم: «فليستنشق بمنخريه من الماء»، وفي لفظ: «مَن توضأ فليستنشق» .
الاستنثار: هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق، والأمر به دليل على وجوبه٠
قوله: «ومَن استجمر فليوتر»؛ أي: ليستجمر بثلاثة أحجار أو خمسة أو أكثر منها إن رأى ذلك، و(الاستجمار): استعمال الأحجار أو ما يقوم مقامها في الاستطابة.
وعن سلمان ﵁ قال: "لقد نهانا رسول الله ﷺ أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم"؛ رواه مسلم.
وفي الحديث دليلٌ على مشروعية غسل اليدين بعد النوم، قال الحافظ: وفيه الأخذ بالوثيقة، والعمل بالاحتياط في العبادة، والكناية عمَّا يُستَحيَا منه إذا حصل الإفهام بها، واستحباب غسل النجاسة ثلاثًا؛ لأنه أمر بالتثليث عند توهُّمها فعند تيقُّنها أَوْلَى، والله أعلم.
* * *
الحديث الخامس
عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه»، ولمسلم: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» .
فيه دليل على النهي عن البول في الماء الراكد؛ لأنه ينجسه إن كان قليلًا، ويقذره إن كان كثيرًا، وقوله: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب»؛ أي: لأنه يقذره، قال الحافظ: النهي عن البول في الماء لئلاَّ ينجسه، وعن الاغتسال فيه لئلاَّ يسلبه الطهورية، وهذا محمول على الماء القليل كما في حديث القلتين، والله أعلم.
* * *
1 / 13
الحديث السادس
عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله قال: «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا»، ولمسلم: «أولاهن بالتراب» .
وله في حديث عبد الله بن مغفل أن رسول الله ﷺ قال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعًا، وعفِّروه الثامنة بالتراب» .
هذا الحديث يدلُّ على وجوب غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا وتتريبه، وفيه دليلٌ على نجاسة الكلب ونجاسة سؤره، وفي رواية لمسلم: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليُرِقه ثم ليغسله سبع مرات» .
قال النووي - رحمه الله تعالى -: "ولو ولغ
1 / 14
في إناء فيه طعام جامد ألقى ما أصابه وما حوله وانتفع بالباقي على طهارته السابقة".
قوله: «وعفروه الثامنة بالتراب»: لما كان التراب جنسًا غير الماء جعل اجتماعها في المرة الواحدة معدودًا باثنتين، وفيه جمع المطهِّرَين؛ وهما الماء والتراب.
* * *
الحديث السابع
عن حمران مولى عثمان: "أن عثمان ﵁ دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثًا، ثم قال: رأيت النبي ﷺ توضَّأ نحو وضوئي هذا ثم قال: «مَن توضَّأ نحو وضوئي هذا، ثم صلَّى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه» .
اشتمل هذا الحديث والذي بعده على صفة الوضوء من ابتدائه إلى انتهائه.
قال النووي: هذا الحديث أصلٌ عظيم في صفة الوضوء، وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرَّة مرَّة، وعلى أن الثلاث سنة.
وفيه دليل على أن غسل الكفين في أوَّل الوضوء سنة باتفاق العلماء.
قوله: «ثم تمضمض واستنشق واستنثر»: اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في وجوب المضمضة والاستنشاق؛ فمذهب مالك والشافعي أنهما سنتان، وذهب أحمد في المشهور عنه إلى أنهما واجبتان لمداومته ﷺ على ذلك.
قوله: "ويديه إلى المرفقين"؛ أي: مع المرفقين، والمرفقان والكعبان تدخل في المغسول كما في حديث جابر: "كان النبي ﷺ إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه".
قوله: "ثم مسح برأسه"؛ أي: كله؛ كما
1 / 15
في الحديث الذي بعده: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردَّهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه"، وفي
حديث عبد الله بن عمرو: "ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السبابتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه".
وفي الحديث التعليم بالفعل؛ لكونه أبلغ وأضبط، والترتيب في الوضوء كما في الآية، وقال ﷺ: «ابدؤوا بما بدأ الله به» .
قوله: «مَن توضَّأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه»: فيه الحثُّ على دفع الخواطر المتعلِّقة بأشغال الدنيا، وجهاد النفس في ذلك، فإن الإنسان يحضُره في حال صلاته ما هو مشغوف به أكثر من خارجها.
وفيه الترغيب في الإخلاص، وقد قال الله - تعالى -: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [هود: ١١٤ - ١١٥]، وقال ﷺ: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفِّرات لما بينهن إذا اجتُنِبت الكبائر» .
* * *
الحديث الثامن
عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه قال: "شهدت عمرو بن أبي الحسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله ﷺ فأكفأ على يديه من التَّوْرِ فغسل يديه ثلاثًا، ثم أدخل يده في التَّوْرِ فتمضمض واستنشق واستنثر ثلاثًا بثلاث غرفات، ثم أدخل يده في التَّوْرِ فغسل وجهه ثلاثًا، ثم أدخل يديه فغسلهما مرَّتين إلى المرفقين، ثم أدخل يديه فمسَح بهما رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه".
وفي رواية: "بدأ بمُقدَّم رأسه ذهب بهما إلى
1 / 16
قفاه، ثم ردَّهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه".
وفي رواية: "أتانا رسول الله ﷺ فأخرجنا له ماء في تَوْرٍ من صفر".
(التور): شبه الطَّسْتِ.
في هذا الحديث جواز الوضوء من الأواني الطاهرة كلها إلا الذهب والفضة؛ لقول رسول الله ﷺ: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» .
وفيه أن الوضوء الواحد يكون بعضه بمرَّة وبعضه بمرَّتين وبعضه بثلاث، وفيه أن اغتراف المتطهِّر بيده لا يضرُّ الماء سواء أدخل واحدة أو اثنتين.
قوله: "ثم أدخل يديه فمسح بهما رأسه": فيه دليل على أن المتطهِّر يأخذ ماء جديدًا لرأسه، كما روى مسلم عن عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي ﷺ قال: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه".
* * *
الحديث التاسع
عن عائشة ﵂ قالت: "كان رسول الله ﷺ يعجبه التيمُّن في تنعُّله وترجُّله وطهوره، وفي شأنه كله".
قولها: "يعجبه التيمُّن في تنعُّله وترجُّله وطهوره"، زاد أبو داود: "وسواكه".
(التنعُّل): لبس النعل ونحوه، والترجُّل: مشط الشعر، وفيه البداءة بالميامن في الوضوء والغسل، وقد روى أصحاب السنن عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم» .
قولها: "وفي شأنه كله": هذا عام مخصوص؛ فإن دخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع النعل ونحوه يبدأ فيه باليسار.
قال النووي: "قاعدة الشرع المستمرَّة استحباب البداءة باليمين في كلِّ ما كان من باب التكريم والتزيين، وما كان بضدِّهما استُحِبَّ فيه التياسر"، انتهى.
1 / 17
وروى أبو داود عن حفصة أن النبي ﷺ كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه ويجعل شماله لما سوى ذلك.
قال الحافظ: السواك من باب التنظيف والتطييب لا من باب إزالة القاذورات، وقد ثبت الابتداء بالشق الأيمن في الحلق، انتهى.
قلت: فيستحب السواك باليمين لا باليسار.
* * *
الحديث العاشر
عن نعيم المجمر عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، فمَن استطاع منكم أن يطيل غرَّته فليفعل» .
وفي لفظ آخر: رأيت أبا هريرة يتوضَّأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن أمتي يُدعَون يوم القيامة غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، فمَن استطاع منكم أن يطيل غرَّته وتحجيله فليفعل» .
وفي لفظٍ لمسلم: سمعت خليلي ﷺ يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» .
قوله: "عن نعيم المجمر" وُصِف بذلك لأنه كان يبخر مسجد النبي ﷺ.
قوله: «غرًّا محجلين»: الغرَّة في الوجه، والتحجيل في اليدين والرجلين.
قال الحافظ: وأصل الغرَّة لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس، ثم استُعمِلت في الجمال والشهرة وطيب الذكر، والمراد بها هنا النوع الكائن في وجوه أمة محمد ﷺ.
وقوله: «محجلين»: من التحجيل وهو بياض يكون في قوائم الفرس،
1 / 18
والمراد به هنا النور أيضًا.
قوله: "رأيت أبا هريرة يتوضَّأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين"، في روايةٍ لمسلم: قال أبو هريرة: "هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضَّأ".
تتمَّة:
تُشرَع التسمية في الوضوء؛ لما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «لا صلاة لِمَن لا وضوء له، ولا وضوء لِمَن لم يذكر اسم الله عليه» .
ويسنُّ تخليل أصابع اليدين والرجلين لما روى الأربعة عن لقيط بن صبرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «أسبِغ الوضوء، وخلِّل بين الأصابع، وبالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما» .
وعن عثمان ﵁ أن النبي ﷺ كان يخلِّل لحيته في الوضوء؛ رواه الترمذي.
وعن أبي رافع ﵁ أن رسول الله ﷺ كان إذا توضَّأ حرَّك خاتمه؛ رواه ابن ماجه.
وعن عمر بن الخطاب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «ما منكم من أحد يتوضَّأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فُتِحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيِّها شاء»؛ رواه مسلم، والترمذي وزاد: «اللهم اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطهِّرين» .
وفي روايةٍ لأحمد وأبي داود: «مَن توضَّأ فأحسن الوضوء، ثم رفع بصره إلى السماء وقال: ...» فذكر الحديث.
* * *
باب دخول الخلاء والاستطابة
الحديث الأول
عن أنس بن مالك ﵁: أن النبي ﷺ كان إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث» .
«الخُبُث»: بضم الخاء والباء وهو جمع خبيث، و«الخبائث»: جمع خبيثة، استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم.
1 / 19
«الخلاء» هنا: موضع قضاء الحاجة، والاستطابة: إزالة الأذى عن المخرَجَين بالماء أو بالأحجار.
قوله: "إذا دخل الخلاء"؛ أي: إذا أراد أن يدخل كما في رواية عند البخاري، وعن علي ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول: بسم الله»؛ رواه ابن ماجه.
ويُكرَه دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله إلا لحاجة، وعن أنس ﵁ أن النبي ﷺ كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه؛ رواه أهل السنن.
قال أحمد: الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفِّه ويدخل الخلاء.
وعن أنس ﵁ قال: كان النبي ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عنى الأذى وعافانى»؛ رواه ابن ماجه.
* * *
الحديث الثاني
عن أبي أيوب الأنصاري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ولكن شرِّقوا أو غربوا»، قال أبو أيوب: فقدِمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بُنِيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله ﷿.
«الغائط»: الموضع المطمئن من الأرض كانوا ينتابونه للحاجة، فكنَّوا به عن نفس الحديث كراهيةً لذكره بخاص اسمه، و"المراحيض" جمع مرحاض: وهو المغتَسَل، وهو أيضًا كناية عن موضع التخلِّي.
* * *
1 / 20
الحديث الثالث
عن عبد الله بن عمر ﵄ قال: "رقيت يومًا على بيت حفصة فرأيت النبي ﷺ يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة".
حديث أبي أيوب يدلُّ على تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة، وحديث ابن عمر يدلُّ على جواز ذلك في البنيان، وعن مروان الأصفر قال: "رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نُهِى عن هذا؟ قال: بلى، إنما نُهِيَ عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس؛ رواه أبو داود.
قوله: «ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا» المراد بذلك أهل المدينة ومَن على سمتها، ولا يدخل في ذلك من الأمكنة ما كانت القبلة فيه إلى المشرق أو المغرب.
* * *
الحديث الرابع
عن أنس بن مالك ﵁ أنه قال: "كان رسول الله ﷺ يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلامٌ نحوي معي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء".
و"العنزة": الحربة الصغيرة، و"الإداوة": إناء صغير من جلد.
والحديث يدلُّ على مشروعية الاستنجاء بالماء، قال أحمد: إن جمع بين الحجارة والماء فهو أحبُّ إليَّ؛ لحديث عائشة وهو ما رواه الترمذي وصححه أنها قالت للنساء:
1 / 21
"مُرْنَ أزواجكن أن يتبعوا الحجارة الماء، ثم أثر الغائط والبول، فإني استحييهم، وإن النبي ﷺ كان يفعله".
وفي الحديث جواز استخدام الأحرار إذا رضوا، وفيه أن في خدمة العالم شرفًا للمتعلم.
* * *
الحديث الخامس
عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري ﵁ أن النبي ﷺ قال: «لا يمسَّن أحدكم ذكَرَه بيمينه وهو يبول، ولا يتمسَّح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفَّس في الإناء» .
الحديث يدلُّ على النهى عن إمساك الذكر باليمين عند البول وعن إزالة الأذى باليمين.
قوله: «ولا يتنفس في الإناء»؛ أي: داخله؛ لأن التنفُّس فيه مستقذَر وربما أفسده على غيره، وأمَّا إذا أبان الإناء وتنفَّس خارجه فهي السنة.
* * *
الحديث السادس
عن عبد الله بن عباس ﵄ قال: مَرَّ النبي ﷺ بقبرين فقال: «إنهما ليُعَذَّبان وما يعذبان في كبير؛ أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر فكان يمشي بالنميمة»، فأخذ جريدة رطبة فشقَّها نصفين فغرز في كلِّ قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» .
1 / 22
قوله: «وما يُعَذَّبان في كبير»؛ أي: الاحتراز منه سهل، وقيل: ليس بكبير في اعتقادهما وهو عند الله كبير، كما قال - تعالى -: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٥]، وفي روايةٍ: «وما يُعذَّبان في كبير ولكنه كبير» .
قوله: «أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول»؛ أي: من بوله، قال البخاري: "وقال النبي ﷺ في صاحب القبر: «كان لا يستتر من بوله»، ولم يذكر سوى بول الناس"، انتهى.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه»؛ رواه الدارقطني، وقد استدلَّ بعض العلماء بقوله: «من البول» على نجاسة الأبوال كلها من الآدميين والبهائم مأكولة اللحم وغيرها، والحديث خاصٌّ ببول الآدميين؛ فأمَّا أبوال ما يُؤكَل لحمه فطاهرة؛ والدليل على ذلك: أن النبي ﷺ أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها، وقال ﷺ: «صلُّوا في مرابض الغنم» .
وفي الحديث إثبات عذاب القبر ووجوب إزالة النجاسة مطلقًا والتحذير من ملابستها، وفيه أن النميمة من الكبائر، وهي نقل كلام الناس بقصد الإضرار.
قوله: "فأخذ جريدة رطبة" أخذ بعض العلماء من هذا الحديث استحباب وضع الجريد الرطب ونحوه على القبور؛ لأنه يسبح ما دام رطبًا فيحصل التخفيف ببركة التسبيح، وأنكره بعضهم، وقال: هذا من خصائص النبي ﷺ لأنه أمر مغيب.
تتمَّة:
عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «اتَّقوا اللاعنين»، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلَّى في طريق الناس أو في ظلِّهم»؛ رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مغفل ﵁ عن النبي ﷺ قال: «لا يبولن أحدكم في مستحمِّه ثم يتوضَّأ منه؛ فإن عامة الوسواس فيه»؛ رواه أحمد وأبو داود.
وقال ابن ماجه: سمعت علي بن محمد يقول: إنما هذا في الحفيرة، فأمَّا اليوم فمغتسلات الجص والصاروج والقير فإذا بال وأرسل عليه الماء فلا بأس به.
وعن جابر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا تغوَّط الرجلان فليتوارَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدَّثا؛ فإن الله يمقت على ذلك»؛ رواه أحمد.
* * *
1 / 23
باب السواك
الحديث الأول
عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» .
«السواك»: يُطلَق على الفعل، وعلى العود الذي يُتسَوَّك به، وهو مسنون في كلِّ وقت، ويتأكَّد عند الصلاة والوضوء وقراءة القرآن، وتغير الفم والاستيقاظ من النوم، وفي السواك فوائد دينية ودنيوية.
وعن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال: «السواك مَطْهَرة للفم مَرْضَاة للرب»؛ رواه أحمد والنسائي.
وذكر بعض العلماء أن السواك يُورِث السعة والغنى، ويطيب النكهة ويشد اللثة، ويسكن الصداع ويذهب وجع الضرس.
وعن عامر بن ربيعة ﵁ قال: "رأيت رسول الله ﷺ ما لا أحصي يتسوَّك وهو صائم"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال الشافعي: لا بأس بالسواك للصائم أول النهار وآخره٠
قوله: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»؛ أي: لأوجبته عليهم، وفي بعض النسخ: «مع كل وضوء عند كل صلاة»، وللنسائي: «لولا أن أشقَّ على أمتي لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء» .
وعند أحمد: «لأمرتهم بالسواك عند كلِّ صلاة كما يتوضؤون»، وله أيضًا: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك» .
* * *
الحديث الثاني
عن حذيفة بن اليمان ﵄ قال: "كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل يَشُوصُ فاه بالسواك".
1 / 24