============================================================
الحزم، ولكتنا أحيبنا أن نذيقك ثمرة حبنا بالمكاشفة الدالة على القبول ، وها نحن خبرك أن هذا المتوجه إلينا؛ يعنى على بن عيسى هو أملك بالبلد منا، لا يكننا مقاومته ، ولو أردنا ذلك لتعذرت الأموال قبلنا . فقال الشيخ : أيها الأمير ينبغى أن تمحو هذا الأمر من قلبك بالجملة ، ولا تصغى إلى من ينطق به فإنه كان يقال : ما كثر من كثره البغى ، ولا قوى من قواه الظلم ، ولا ملك من ملكه الغضب، وها أنا أحدى عمن إن حنوت مثاله نلت مناله .
فقال له المامون : هات .
فقال الشيخ : ان الخنشوار (1) ملك الهياطلة(2)، لما اسر فيروز بن ايزدجرد(2)، ملك فارس واراد اطلاقه ، أخذ عليه عهدا ألا يغزوه ولا يقصده بمكروه ووقع فى أقصى تخوم(4) أرض الهياطلة صخرة ، وأخذ على فيروز عهدا ألا يجاوز تلك الصخرة ، ولما استوثق الخنشوار من فيروز بما أخذ عليه من عهود المسالمة أطلقه، فحين رجع فيروز إلى دار ملكه داخلته الحمية والأنفة ، فعزم على غزو الخنشوار وأطلع وزراءه على ذلك، فحذروه التكث، ال اوخوفوه عاقبة البغى، فما ردعه ذلك عما هع به، وأنكروه العهود التى أخذ عليه، فقال لهم : إنى إنما حلفت له الا اتجاوز تلك الصخرة، وأنا آمر بحملها على فيل فتكون بين يدى جنودى لا يجاوزها أحد منهم .
ظلما راوا أن الهوى قد وقف به على حد الرضا بهذا القول علموا انقياد عقله لشهوته ، فأمسكوا عنه واعتقدوا أن لا يراجعوه فى ذلك .
لوكان يقال : الهوى صدا يعلو العقل فلا تتطبع فيه صورة الحقائق .
الاوكان يقال : ما لم يبلغ الهوى حد اللجاج فهو نشوة السكر ، فإذا بلغ اللجاج فذلك دين السكر وقوة سلطانه .
(1) الخنشوار : اصم ملك من ملوك الهياطلة .
2) الهياطلة : شعوب أصيوية من غزاة العالم القديم ، أصلهم من سيبيريا ومنغوليا .
)فيروز بن يزتجرد : ملك فارس بن يزدجرد بن شاهبور وهو آحة طوك فارس الساسانيين. البداية والنهاية (31/7).
4)التخوم ، مفردها التخم : وهو الحد.
Página 43