Sultán Muhammad el Conquistador
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Géneros
على أن فتوحات محمد الفاتح وضعت أساس الخطة التي سيتبعها خلفاؤه فيما بعد؛ فلقد أصبح للعثمانيين حدود غير مستقرة مع كل من مصر وفارس والمجر، وكان لا بد من وقوع الاصطدام بين العثمانيين وهذه الدول عاجلا أو آجلا.
علاقة السلطان الفاتح بجنوة والبندقية وإيطاليا
كان لوجود العثمانيين في أوروبا وحلولهم محل الإغريق في البلقان وفي القسطنطينية أثر كبير على علاقاتهم مع جنوة والبندقية.
لقد عمل السلطان محمد الثاني فعلا على المحافظة على العلاقات السلمية بينه وبين هاتين الدولتين أثناء حصاره لمدينة القسطنطينية، فلم يهاجم غلطة، وهي مستعمرة جنوية مستقلة على حدود القسطنطينية، ولكنه عندما انتهى من فتح مدينة قسطنطين طلب من الجنويين هدم حصون غلطة وأسوارها وفرض عليهم الجزية؛ مما عمل على سوء العلاقات بينه وبين جنوة.
وعلاقة السلطان السيئة مع جنوة هي التي دعته إلى التفكير في القضاء على ممتلكاتها في البحر الأسود؛ ولذا أرسل حملته المشهورة إلى بلاد القرم إلى ثغر كافا. كانت الحملة بقيادة الصدر الأعظم ومكونة من أسطول ضخم وأربعين ألف مقاتل.
وكانت مدينة كافا قوية وغنية؛ فلقد كان يطلق عليها اسم القسطنطينية الصغيرة. ولم تستطع المدينة الوقوف أمام قوات السلطان العظيمة، فسلمت بعد حصار أربعة أيام، وكانت الغنائم والأسلاب كثيرة، واصطفى السلطان محمد الثاني ألفا وأربعمائة من أبناء نبلائها للخدمة في صفوف الإنكشارية، ثم استولى الأتراك على شبه جزيرة القرم كلها، وأصبح خانات التتار في هذه الأجزاء الواقعة في شمال البحر الأسود تابعين للدولة العثمانية لمدة تقرب من ثلاثة قرون.
ولم تكن علاقة السلطان محمد الثاني بالبنادقة خيرا من علاقاته مع جنوة، فلقد اصطدم بقوات البندقية على سواحل بلاد الإغريق، وفي جزر بحر الأرخبيل، وكانت نتيجة ذلك الاصطدام المسلح أن استولى العثمانيون على إيبويبا ولسبوس ولمنوس وسفالونيا وبعض الجزر الأخرى.
وبعد أن استولى السلطان على ألبانيا والبوسنة والهرسك زاد اتصاله بممتلكات البندقية على الشاطئ الشرقي للبحر الأدرياتي، وأراد السلطان الفاتح أن يعاقب البندقية على موقفها العدائي إزاءه في كثير من الظروف، فأرسل في سنة 1477م جيشا قويا إلى ممتلكاتها يحاول تهديد المدينة نفسها، ففزعت البندقية وأقامت التحصينات المنيعة، ولكن الأتراك اخترقوا كثيرا من هذه التحصينات وهزموا جنودها مرارا واكتسحوا بلادها إلى قرب المدينة، وارتجف شيوخ المدينة في قصورهم لهول الأنباء التي وصلت إليهم ورأوا بأعينهم النيران تشتعل في قراهم، ولكن لحسن حظهم لم يكن السلطان الفاتح ينوي الاستيلاء على هذه المدينة، ورجعت جنوده وسراياه محملة بالأسرى وبالغنائم الكثيرة.
ولذا أسرعت البندقية فعقدت صلحا مع السلطان محمد ، وتعهدت بأن تساعد السلطان بأسطول مكون من مائة سفينة إذا هاجمته دولة أخرى، ووافق السلطان على أن يساعدها بمائة ألف جندي إذا هاجمها أعداؤها.
وكان السلطان محمد الثاني يفكر في إخضاع إيطاليا، ولكنه كان دائما يؤجل ذلك المشروع؛ أولا لظروف العثمانيين الحربية في البلقان، ولعناد هونيادي وإسكندر بك، ولذا بعدما اختفى هذان الخصمان من المسرح السياسي في البلقان جهز السلطان محمد الفاتح الاستعدادات العظيمة البرية والبحرية، وأحب أن يمهد لذلك بالاستيلاء على جزيرة رودس حتى لا تصبح شوكة في جانب ممتلكاته العظيمة. وكانت في يد فرسان القديس يوحنا الذين وطدوا مركزهم فيها في أوائل القرن الرابع عشر، وأصبحوا قوة مستقلة لا يستهان بها، ولقد وصلت للسلطان معلومات عن هذه الجزيرة وعن حصونها، ولذا أرسل مسيح باشا في أبريل سنة 1480م بقوة كبيرة مكونة من مائة وثمانين سفينة وجيش قوي ومدفعية كبيرة، واستطاع الباشا أن ينزل في الجزيرة، واستولى على بعض الأماكن فيها، وحاصر المدينة، فدافعت عن نفسها دفاعا مشهودا، وكادت تسقط لولا جشع الإنكشارية وسوء سياسة القائد.
Página desconocida