Sultán Muhammad el Conquistador
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Géneros
وبذا يئس السلطان محمد الثاني نهائيا من تسليم المدينة صلحا، فلا بد إذن من بذل كل جهوده لدخولها عنوة.
ولذا في 27 مايو سنة 1543 عقد مجلسا حربيا في معسكره أمام الأسوار وتناقش هو وقواده فيما ينبغي عمله، ويقال إنه عرض رأيان في ذلك المجلس العسكري، فكان الرأي الأول رأي خليل باشا، وهو رجل مسن قد ازداد حذره بقدر ما ازدادت تجاربه، ولكن السلطان لم يكن بكبير التعلق به بالرغم من أنه أبقاه في منصبه، وكان البعض يتهمه بممالأة المسيحيين.
بين خليل باشا أنه لا داعي لبذل هذا المجهود العنيف في أخذ هذه المدينة، ولا داعي لكل هذه العمليات الحربية، ولا مبرر لإراقة الدماء بهذا الشكل للاستيلاء على المدينة، فهي ستسقط من تلقاء نفسها إن عاجلا وإن آجلا، ثم بعد ذلك هل ستقبل أوروبا سقوط القسطنطينية؟ ففي نظر خليل باشا لن تسمح أوروبا بسقوط هذه المدينة بسقوط حصن المسيحية في يد المسلمين، فالبندقية ستتدخل بأسطولها، وكذا هونيادي المجري، ثم المدينة بعد ذلك حصينة، واللاتين متفقون فيها مع الإغريق، ولقد مضى وقت طويل، وبذل مجهود كبير، ولم تسقط المدينة بعد، ولقد بذل الأتراك تضحيات كبيرة بدون فائدة، وأن من الخير ترك المدينة مؤقتا، حتى يزداد مركز العثمانيين قوة وتسقط المدينة فريسة سهلة فيما بعد.
وكان الرأي الآخر رأي زوغنوس باشا الألباني، قائد الجنود غير النظامية، وهذا الرجل من أصل ألباني، اعتنق الإسلام وحسن إسلامه وجاهد في سبيله جهادا مشكورا، وسما مركزه، فأصبح ثالث اسم في الدولة العثمانية بعد السلطان، هذا الرجل لا يزال قريب عهد بالشباب؛ فهو ممتلئ قوة ونشاط وأطماعا، وكان بينه وبين خليل باشا حقد دفين ومنافسة حادة، لقد نصح هذا القائد الهمام بالصبر والمثابرة وتقوية الهجوم، وتمثل بالإسكندر الأكبر المقدوني الذي استطاع فتح آسيا بجيش صغير، واستهزأ زوغنوس بالخطر الذي سيأتي من ناحية الغرب، فبين أن الدول الأوروبية المسيحية - وخاصة الجمهوريات الإيطالية - منقسمة على نفسها، وهي تضيع الوقت الثمين في مشاجرات على مسائل تافهة، ووضح أنه حتى لو استطاعت أوروبا أن تتفق فيما بينها فهي لن تقدر على إرسال قوة كبيرة لتخليص القسطنطينية في الوقت المناسب؛ ولذا لا يجب التفكير في ترك المدينة قبل أن يتم فتحها للإسلام وللأتراك ولآل عثمان.
وأيد ذلك الرأي قادة الجيش الآخرين وضباطه، كما عضده العلماء بكل قوة وعلى رأسهم الشيخ آق شمس الدين والشيخ أحمد الكوراني خوجة السلطان.
ولقد كان السلطان محمد الثاني من نفس ذلك الرأي، حتى قبل انعقاد المجلس العسكري، ولكنه أراد أن يجمع ذلك المجلس ليختبر قوة رجاله ويمتحن عزيمتهم وليعمل على تقوية ثقتهم بأنفسهم.
وكانت النتيجة ما يريد السلطان، فلقد زاد جنوده عزما على عزم للقضاء نهائيا على البيزنطيين وحلفائهم من اللاتين؛ ولذا فكر في هجومه الأخير الذي سيضع المدينة تحت أقدامه.
وفي 27 مايو أعد السلطان الهجوم العام على المدينة فصام الجيش كله، وعلت الدعوات بإنجاز الفتح، وأمر مدفعيته بالإمعان في تحطيم الأسوار عند وادي ايكوس، ونظم الفرق التي ستقوم بالهجوم العام، فعلى كل فريق القيام بالهجوم من جهة معينة، ثم إخلاء الطريق للفريق الآخر الذي سيقوم بالهجوم بعده؛ وبذا تستطيع الجنود المهاجمة أن تأخذ بقسطها من الراحة، وزار السلطان كل أقسام جيشه المحاصر للمدينة وشجع الجنود وأثار فيهم روح التضحية، وقوى فيهم الثقة بالنفس وبالنصر، وطلب من الجنويين المقيمين في غلطة أن يمتنعوا تماما عن تقديم أي مساعدة للمدينة المحاصرة.
وأرسل من نادى بين الجنود بأن المدينة ستترك لهم ثلاثة أيام يستبيحونها كيفما شاءوا، رجالها ونساءها وأطفالها وكنوزها ستكون جميعها تحت تصرفهم لمدة ثلاثة أيام كاملة، وأقسم بالله جهد أيمانه ليبرن بوعده، وكان لذلك القسم أثر كبير في نفوس الجنود الذين سيقومون بالهجوم.
ولقد أمر السلطان كل جندي بالمحافظة على الموقف المخصص له وعاقب بالقتل كل من حدثته نفسه بمخالفة الأوامر أو الإخلال بالنظام.
Página desconocida