Sultán Muhammad el Conquistador
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Géneros
بدأ الكاردينال إيزيدور رحلته إلى القسطنطينية الخائفة في أواخر سنة 1452، ووصلها في ديسمبر من هذه السنة، وأقيم حفل عظيم في كنيسة سانت صوفيا حضره الإمبراطور البيزنطي والبطريرك جريجوري يساعده ثلاثمائة قسيس للاحتفال بتوحيد الكنيستين ووحدة المسيحية.
وبجانب ذلك الفريق الراضي عن التوحيد أو المتظاهر بالرضا، وجدت معارضة قوية غاضبة ثائرة على رأسها جناديوس، هي في ريب مما يدعو إليه الفريق الأول، وهي تنذر بالويل والثبور إذا تم ذلك الاتحاد. وكثرت النبوءات عن العذاب الذي سيلحق بيزنطة إذا تم اتباع الملة الغربية، وهي تقول بسقوط الإمبراطورية وبغضب الله إذا سيطرت رومة على مدينة قسطنطين، ونادى أتباع جناديوس بالموت والدمار لمن يعتنق الكاثوليكية، وسحقا لمن يقبل الاتحاد معها، ودعوا العذراء مبتهلين أن تنجي المدينة العظيمة من الخطر التركي الداهم، كما أنجتها من قبل من الأكاسرة الفرس، والخلفاء العرب.
ما كان جم غفير من أهل القسطنطينية يعتقد مخلصا في الملة الجديدة، وهي الكثلكة الغربية، بل هم منها في شك مريب، وحتى الإمبراطور قسطنطين نفسه الذي تربى تربية إنسانية بمعنى الكلمة، وتثقف ثقافة حقيقية كان عنده نفس الشعور، إلا أنه قبل ذلك الاتحاد لأسباب سياسية قبل كل شيء على أمل مساعدة الغرب الكاثوليكي في محنته الوشيكة الوقوع.
وأما السلطان محمد الثاني خصمه العنيد فلقد استعد للحرب بكل ما لديه من قوة ومن عتاد الخيل وأدوات الحصار، ولكن الكثيرين من أهل القسطنطينية رأوا أن إمبراطورهم قسطنطين قد ارتكب شيئا إدا تخر له الجبال هدا بقبوله اتحاد الكنيستين، ورأوا في ذلك محنة المحن ومهزلة الدهر، وخطوة غير عملية، وخطة خاسرة. بل لقد قال أحدهم والخطر محدق بمدينتهم إنه يفضل أن يرى في مدينة قسطنطين الأكبر عمامة السلطان على أن يرى قبعة البابا. وكان يشارك هذا الرأي الكثيرون من أهل المدينة الذين كانوا يمقتون اللاتين مقتا شديدا.
وفي ذلك الوقت العصيب كان الشغل الشاغل للسلطان محمد الثاني هو الاستعداد لفتح أم المدن وملكتها، فهو يفكر ليل نهار في فتح هذه المدينة العظيمة، كما يروي هامر
2
عن أحد خصوم السلطان المعاصرين. فهو يقضي النهار وزلفا من الليل قلقا مضطربا مفكرا في كيفية الاستيلاء عليها، وهو لا تكاد تفارقه خرائط المدينة التي جعل دراستها عمله اليومي، وهو يدرس مواضع أسوارها ومواطن الضعف فيها، وهو يضع الخطط تلو الخطط للتغلب على قوة دفاعها، وهو يدرس التفاصيل الدقيقة بصبر واهتمام لا مزيد عليهما.
لقد عرض عليه الإمبراطور البيزنطي السلام، ولكن محمدا ما كان يعتقد في سلام البيزنطيين، ولا يعطي أهمية كبيرة لكلمة زعماء المسيحية؛ فهم في نظره لا يربطهم مع المسلمين عهد ولا ذمام، ألم يصرح أحد الكرادلة في عهد أبيه السلطان مراد الثاني بأن المسيحيين في حل من نقض معاهداتهم مع المسلمين، وقال: إن نقض المعاهدات مع المسلمين ليس مخالفا للدين المسيحي؟! فكيف يستطيع السلطان أن يصدق إذن كلمتهم أو أن يرتبط بوعد من وعودهم؟
ثم مسألة ثانية، لقد وفقت الدولة البيزنطية موقفا غير ودي في محنة الدولة العثمانية حين غزا التتار بقياد تيمورلنك آسيا الصغرى، أليس وجود الدولة البيزنطية حجر عثرة في سبيل إشراف العثمانيين التام على البلقان وقاعدة ضد العثمانيين في وسط بلادهم؟ وجودها وحده عامل على تشجيع الغرب على محاولة طرد العثمانيين من أوروبا.
لقد عرف محمد الثاني أن مهمته حقيقة خطيرة وخطرة، ولكنها واجبة النفاذ، فعمل على تمهيد الطريق لتنفيذ مهمة حياته وأكبر آماله.
Página desconocida