Los Sufíes: su origen y su historia
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Géneros
على الرغم من أنه لاحقا أصبح من المعتاد أن يقول المعلقون الصوفيون إن المعاني «الحقيقية» للشعر الفارسي المبكر هذا كانت معاني باطنية وروحانية - فالسكر كان معناه الانشغال بالله لا بالخمر، والشباب الجميل كان مجازا للكمال الإلهي، وهكذا - فإنه لا يبدو من الوجيه إلى حد كبير الشك في أن كثيرا من جمهور هذه الأغاني في فترة العصور الوسطى (إن لم يكن معظمهم) كانوا يستمتعون بها بمعناها الظاهر؛ إذ كانت تمثل احتفاء بالخمر والجنس والغناء. وعند مقارنة موضوعات المتع الدنيوية التي ميزت الأجيال الأولى من الشعر الفارسي، بالموضوعات الباطنية التي سيطرت لاحقا على كل أنواع الشعر الفارسي، باستثناء شعر المديح؛ ذهب أحد الباحثين بعيدا إلى حد الحديث عن «استعمار صوفي للأدب الفارسي».
110
فمن الناحية الاجتماعية، كان هذا الشعر يستخدم في تبرير سلوك الشعراء الصوفيين الغريب الأطوار في بعض الأحيان؛ من خلال مواراة أفعالهم في لباس بلاغة الماورائية الباعثة على الغموض والمحترمة على الرغم من ذلك.
111
الأمر الأهم هو أن القوة الجمالية وكذلك الاجتماعية لهذه القصائد ترجع إلى السبل المتعددة التي يمكن بها فهم معانيها؛ إذ إن الغموض والتورية اللذين اتسم بهما الأداء الحماسي لهذا الشعر المغنى قد منحا الصوفيين وسيلة فعالة للوصول إلى المجتمع والدعاية لنفسها. في هذا الصدد، يجب أن نضع في اعتبارنا أنه في المجتمعات ما قبل الصناعية التي كانت الموسيقى فيها عروضا مباشرة بالضرورة، كانت فرصة سماع الموسيقى متعة نادرة بالنسبة إلى معظم الناس؛ ومن ثم، فإن تزايد ميل الخانقاوات إلى رعاية الحفلات الموسيقية، أو ما يطلق عليه «محافل السماع»، شكل عامل جذب مهما لمجتمعاتها المحيطة.
بطبيعة الحال، فإن الهوس بالآداب الرسمية الذي رأينا أنه سمة مميزة للغاية للصوفيين، كان معناه وضع قواعد رسمية للاستماع اللائق للموسيقي (التي كانت تتضمن غالبا منع النساء من الحضور)، بالرغم من أنه يبدو معقولا استنتاج أن بعض التجمعات كانت أقل رسمية عن غيرها. وفي إيران وخراسان في الفترة ما بين القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر، اقتبس الصوفيون من البلاطات الملكية النوع الأدبي المعروف باسم «الغزل»، الذي كانت العلاقة فيه بين المسلم والله مقدمة في شكل علاقة بين المحب والمحبوب، مما سمح للشعراء بتخيل الله في صورة مادية واضحة؛ مثل غلام أشقر، أو امرأة لعوب ذات قبعة مائلة، أو فتى أمرد مخنث. وباقتباس الشعر الرومانسي الذي كان رائجا في البلاط الملكي، قدم الصوفي نفسه في مظهر جديد مشابه؛ فقدم نفسه في صورة المحب أو الأبله أو المجنون الذي يتأرجح ما بين التمني والعذاب بسبب حضور الحبيب تارة وغيابه تارة أخرى. وتزايد تقديم الصوفي في صورة القلندر، وهي شخصية مشبوهة وخارجة على القانون سنتحدث عنها بتفصيل أكبر لاحقا.
112
ونظرا لبذاءة الصور المجازية الموجودة في أجود أمثلة الغزليات «الصوفية» هذه في أعمال شعراء؛ مثل: السنائي الغزنوي (المتوفى عام 1131)، وسعدي الشيرازي (المتوفى عام 1292)، وحافظ الشيرازي (المتوفى عام 1390)، فإن من الصعب تحديد ما إذا كان الغرض من أشعارهم هو التفسير الباطني أم مجرد إمتاع الأمراء الشباب. في حالات أخرى، مثل تلك الأشعار الغنائية التي كتبها صوفيون خالصون؛ مثل: فخر الدين العراقي (المتوفى عام 1289)، وجلال الدين الرومي (المتوفى عام 1273)، يوجد قدر أقل من الغموض حول نوايا الشاعر. إلا أننا في نهاية المطاف نجد أن مسألة نية المؤلف أقل أهمية من حقيقة أن الصوفيين استخدموا لأغراضهم الخاصة النوع الأدبي والتصوير الشعري المميزين لشعراء البلاط الملكي . مرة أخرى، نرى كيف تمكن الصوفيون من دمج الناس وكتاباتهم في تقليدهم الخاص، ومنحوا بهذه الطريقة لأعمال الآخرين معاني متوافقة مع معتقداتهم الصوفية. ومثلما صنع الصوفيون القدماء معاني تصوفية من القرآن، فقد وجدوا لاحقا تأكيدا مشابها في أغاني الحب المثيرة في فارس في فترة العصور الوسطى.
منذ عصر الرومي في القرن الثالث عشر، أصبحت الاحتمالات الغامضة التي يثيرها الشعر الغنائي الفارسي راسخة باعتبارها الوسط المفضل للتعبير عن الأفكار الجريئة. وفي حالة الرومي، تضمنت هذه الأفكار الجريئة بصفة أساسية إعلان أن جلال الله يشرق من وجه صديقه الحميم، شمس الدين التبريزي. إلا أنه على الرغم من لوعة وإثارة غزليات الرومي التي يقدم فيها طريقة الصوفية على أنها طريق حيرة ونشوة الحب، فإنه في قصيدته السردية الضخمة والمطولة المسماة «مثنوي» (أي: النظم المزدوج المقفى) قدم أكبر إسهام في نشر الأفكار الصوفية. وعلى الرغم من أن أنواع النظم الأقصر المتمثلة في الرباعيات والشعر الغنائي كانت مناسبة للأجواء الغنائية التي كانت تهدف إلى استحضار «التواجد»، الذي يؤدي إلى حالة النشوة المرتبطة بالوصول لله، فإن هذا النظم القصير كان وسيلة ضعيفة لعرض المعتقد الصوفي؛ ولهذا السبب، استخدم الصوفيون القصيدة السردية الفارسية. ومثل بقية أنواع الشعر الفارسي، ظهر الشعر السردي في قصور حكام خراسان، وفيما يتعلق بتطور السرد الديني - وبصفة خاصة الصوفي - فقد كانت الشخصية المحورية هي أيضا السنائي في بلاط السلاطين الأتراك في غزنة (أفغانستان حاليا) في أوائل القرن الثاني عشر.
113
Página desconocida