Los Sufíes: su origen y su historia
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Géneros
66
وعلى الرغم من أنه في إسلام العصور الوسطى لم يكن كل ولي نال التبجيل صوفيا، مثلما لم يكن كل صوفي وليا، فقد أصبحت أفكار ومؤسسات الصوفية متداخلة على نحو معقد مع الممارسات المتعلقة بالأولياء التي أصبحت تلعب دورا محوريا في إسلام المؤمن العادي. وكما هو الحال مع تكوين الطرق الصوفية، فقد كانت عملية التبجيل هذه مشروعا متعدد الأجيال بطبيعة الحال، فاكتسبت الأضرحة المكانة ورأس المال على نحو متزايد مع مرور القرون.
67
وعلى الرغم من فشل الكثير من عمليات تبجيل الأضرحة الأخرى أيضا، فإن المعنى الأكثر عمومية لهذه العملية المتعددة الأجيال هو أن الأضرحة القديمة كانت تميل لأن تكون أكثر شهرة وثراء من الأضرحة الأحدث. بعبارة أخرى: إن كثيرا من الأضرحة التي ظهرت في فترة العصور الوسطى التي نتناولها سيطر على الأضرحة الأحدث في مناطق نفوذها، منذ تلك الفترة وحتى يومنا الحاضر.
68
وعلى الرغم من أن الهيكل التنظيمي والمفاهيمي للطرق لعب دورا محوريا في انتشار تبجيل الأولياء الصوفيين، فإنهما لم يكونا عاملي التمكين الأساسيين الوحيدين؛ فقد حظي عاملان آخران بأهمية حيوية؛ وهما زيادة تفصيل المعتقد الذي كون أيديولوجية قوية تقوم على الهرمية البشرية المحددة إلهيا، وتكوين التحالفات السياسية التي منحت كبار الصوفيين المال من خلال علاقات الرعاية. أشهر المتحدثين عن هذا الإعلاء لشأن أولياء الله كان الصوفي الأندلسي الكبير ابن عربي (المتوفى عام 1240)، الذي نشرت كتاباته المطولة ونشر مريدوه المتنوعون أفكاره عبر شبه الجزيرة العربية، وسوريا، والأناضول، وإيران، والهند، وجنوب شرق آسيا. وفيما يتعلق بأهدافنا الحالية، فإن أهمية ابن عربي تكمن في ترويج أفكار تقول إن الولاية في نهاية المطاف أهم من النبوة، وإن الكون يقوم على هرمية من الأولياء، وإنه يدين بسبب وجوده ووجوده المستمر إلى وجود «قطب» يسمى «الإنسان الكامل».
69
لم يكن ابن عربي على الإطلاق الشخص الوحيد الذي روج مثل هذه الأفكار، وعلى مدار القرن التالي روجت أفكاره عن الولاية والإنسان الكامل، وفصلت على يد الكثير من الصوفيين الآخرين، لا سيما محمد وفا (المتوفى عام 1363) في مصر، وعبد الكريم الجيلي (المتوفى عام 1408 أو 1428) في العراق. وسرعان ما أصبح في كل بقعة في العالم الإسلامي من ادعى أنه القطب الكوني الحي الذي يحفظ الكون، وبعضهم حظي باعتراف الناس بأنهم كذلك، بينما لم يحظ بهذا البعض الآخر. أما الذين عدوا أقطابا في حياتهم من قبل جهات متمتعة بالنفوذ، فقد صارت أضرحتهم في أغلب الأحيان مزارات بعد وفاتهم.
إلى جانب عملية زيادة تفصيل المعتقد هذه، كانت توجد وتيرة متزايدة من التحالفات بين الصوفيين وأعضاء النخبة الحاكمة، وهم الأشخاص الذين يمتلكون الموارد المالية اللازمة لتوصيل أحد مدعي الولاية إلى المكانة والشهرة العريضة اللتين يتطلبهما التقديس. من نواح كثيرة، كان هذا الأمر استمرارية لممارسة رعاية الصوفيين العلماء عن طريق المدارس، ورعاية الصوفيين أصحاب الجاذبية عن طريق الخانقاوات التي انتهجها السلاجقة. وعندما دخل المغول الإسلام أخيرا في ثلاثينيات القرن الرابع عشر، أدركوا أيضا الفوائد المحتملة لتلك الرعاية.
70
Página desconocida