Los Sufíes: su origen y su historia
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Géneros
وحتى في حالة عدم القراءة الكاملة لنصوص السير، كان الصوفيون يحفظون عن ظهر قلب الهيكل الأساسي لسلاسل المعرفة والتحقق خاصتهم، التي أصبحت بدورها تعتبر موصلات مهمة لا تنتقل خلالها المعرفة المدركة فحسب، بل أيضا قوة البركة الغامضة من النبي محمد لشيوخ الصوفية في كل جيل. من خلال هذه الوسائل الخطابية، فإن هذا التطوير في الخلفية لتقليد متخيل جزئيا على الأقل سمح بالتطوير الفعلي لأشكال تقليد ملموسة أكثر عن طريق تطوير سلاسل النسب، التي سوف نشهد تكونها الكامل في الفصل الثاني عندما نتناول الطرق الصوفية. يعد الارتباط بمذهب فقهي صاعد، وطرح أفكارهم بطرق جديدة، وترويج الأفكار من خلال أنواع جديدة من الكتب، ومحاولة ربط الأنصار الأحياء بماضي مبجل؛ بعضا من الطرق «المعنوية» أو الخطابية التي حاز من خلالها الصوفيون على أتباع في خراسان. وساعد الصوفيين في عملية التوسع والدمج هذه حقيقة أنه في ذلك الوقت أصبح يوجد «كيان» اجتماعي صوفي ملموس أكثر، يمكن أن يندمج فيه الأتباع الجدد عن طريقة المدرسة أو الخانقاه. ويجب أن نلتفت الآن إلى هذا الجانب «المادي» المتمثل في تكوين المؤسسات الصوفية.
لا تقتصر الإثارة في هذا الصدد على اكتساب وتكوين هذه المساحات الملموسة المميزة المخصصة للنشاط الصوفي في خراسان، وحدوث ذلك من خلال اقتباس المؤسسات التي ابتكرها منافسوهم الكرامية، بل تكمن أيضا في أنه مع الانتشار غربا فيما بعد، كانت هذه المساحات بمنزلة قوة موازنة مؤسسية لحركة المعتقدات والأشخاص القادمة من الشرق منذ جيل أو جيلين. هذا يعني أننا يمكننا أن نرى نسقا من التداول؛ فالصوفية التي بدأت في العراق أصبحت شيئا مختلفا بعد انتقالها إلى خراسان، قبل أن تعود بعد ذلك إلى موطنها في الغرب في صورة معدلة إلى الأبد. أولى هذه المؤسسات الجديدة لا تعتبر عادة مؤسسة صوفية على الإطلاق. وإن كانت المدرسة ليست على الإطلاق مؤسسة صوفية على نحو مميز، فقد كانت مؤسسة عمل من خلالها الصوفيون منذ أول ظهور لها في القرن الحادي عشر وحتى يومنا الحاضر. وعلى الرغم من أنه يبدو أن أقدم المدارس كانت مرتبطة بالكرامية؛ حيث كانت أماكن لدراسة «العلوم الإسلامية»، فإن المدارس تدين فعليا بانتشارها إلى توافق طبقة علماء المسلمين مع الأتراك السلاجقة البدو، الذين شنوا غزوا منتظما في منتصف القرن الحادي عشر لمدن خراسان، قبل أن يسقطوا بغداد عام 1055 في نهاية المطاف.
91
ونظرا لحاجة دولة السلاجقة العظام (1037-1157) إلى بيروقراطية متعلمة وعالمة بالشريعة لإدارة الأراضي الشاسعة التي استولوا عليها، وللحصول على الشرعية التي تأتي من الدعم العام للأعراف الاجتماعية الإسلامية، فقد خصصت جزءا من مواردها المادية لإنشاء شبكة كبيرة من تلك المدارس في أنحاء أراضيها؛ ومن ثم ضموا أنفسهم إلى تقليد ديني عبر إقليم كونوه بأنفسهم إلى حد كبير (أو كونوه من الناحية المؤسسية على الأقل).
92
وعلى الرغم من أن المدارس تعتبر عادة أماكن لدراسة القرآن والشريعة، فقد كان الصوفيون البارزون أنفسهم يعتبرون خبراء في هذين المجالين، وذلك كما رأينا بالفعل في معظم الحالات. مرة أخرى، إن وصف الصوفيين ب «المتصوفين» يسلبهم العديد من المهارات التي ساعدتهم في النجاح.
نتيجة للكتب والرسائل التي تضمنها «علم الصوفية» في القرن الحادي عشر، أصبح من الممكن اعتباره الآن في حد ذاته أحد العلوم الدينية إلى جانب النحو العربي، وتفسير القرآن، والأساليب الفقهية. وعلى هذا النحو، أصبح هذا العلم قادرا على أن يجد مكانا بين قراءات المرتبطين بهذه المدارس الجديدة، وإن كان على الأرجح لا يدرس رسميا داخلها. بطبيعة الحال، كانت هذه النسخة الأستاذية من الصوفية من النوعية المعتمدة على الكتب اعتمادا كبيرا، إلا أنه من خلال الارتباط بطبقة رسمية من البيروقراطيين والعلماء الذين يتقاضون رواتب، اكتسبت طريقة المعرفة الصوفية المحترمة هذه (لقد أصبحت محترمة الآن بسبب مكانتها باعتبارها «تقليدا») الزخم الذي سيمكنها في النهاية من دمج منافسيها أو قمعهم.
93
كان أبرز رواد هذه «الصوفية المدرسية» أبا حامد الغزالي (المتوفى عام 1111)، ذلك المفكر العام الذي أوصله تمكنه من العلوم السياسية الأكاديمية والاتجاهات الفكرية إلى أن يكون العالم الأول بالمدرسة النظامية الكبيرة التي تأسست عام 1065 في بغداد.
94
Página desconocida