Los Sufíes: su origen y su historia
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Géneros
ولم يحل ذلك دون تطوير أنماط حياة اجتماعية وفكرية إسلامية على نحو صحيح في مدن الواحات الزراعية والتجارية الغنية في خراسان، وبقاء أي نوع من الثقافة الفارسية الصرفة التي لا يشوبها شائبة ينتمي إلى تصور القومية الحديثة. وإذا كانت مدن ودولة خراسان بعيدين عن مستنبت الإنتاج والجدل الديني للإمبراطورية الإسلامية في بغداد، فإنه من خلال بذر الأفكار الإسلامية في التربة الثقافية الخراسانية المميزة تمكنت مدن ودولة خراسان - بالرغم من ذلك - من إنتاج أنواع جديدة خاصة بها من الحركات الإسلامية. والسؤال الآن هو: ما علاقة هذه الحركات الخراسانية بالحركة الصوفية الناشئة في العراق، وكيف تفاعلت معها؟
على الرغم من أن كتب السير اللاحقة، من القرن الثاني عشر فصاعدا، ضمت الكثير من الشيوخ الخراسانيين الأوائل إلى التقليد الصوفي الذي كانوا يحاولون تطويره في منطقتهم، فإن الأبحاث المعاصرة أظهرت أنه قليلا ما كان يوجد شخص يطلق عليه «صوفي» في خراسان نفسها في القرن العاشر، وأن القلة الذين كانوا يطلق عليهم هذا اللقب كانوا إما قد هاجروا من العراق وإما سافروا إلى العراق.
62
وإذا كان الزهاد الخراسانيون القدماء في القرن التاسع لم يسموا أنفسهم صوفيين، فإن هذا الأمر ليس مفاجئا على الإطلاق نظرا لبعدهم عن المناطق الغربية التي انتشر فيها هذا اللقب، خاصة إذا قبلنا الفرضية التي تقول إن مصطلح «صوفي» استخدم في الأصل باعتباره جزءا من مصطلحات المسيحيين العراقيين.
63
إن الميل إلى الانصراف عن المجتمع الذي ميز الحركتين الأهم من الحركات الخراسانية المبكرة جعلهما متشابهتين مع حركة الزهاد في سوريا والعراق (لكن غير مرتبطتين بها). كانت الحركة الأولى يطلق عليها الكرامية نسبة لاسم مؤسسها أبي عبد الله محمد بن كرام (المتوفى عام 874)، وفي أغلب الأحيان كان معاصرو أتباع هذه الحركة يسخرون منهم بسبب شدة زهدهم، ناعتين إياهم بلقب «المتقشفة».
64
لقد جمعت معتقداتهم بين الفهم الحرفي للنص القرآني، وزعم أن العمل والكسب المادي عقبتان في طريق الوصول إلى الله. أكسبهم المزيج الناتج من تكوين صورة مجسمة جذابة لله، ووجود قيادة تضاهي في فقرها أفقر فلاح من أتباعهم؛ قاعدة تأييد شعبية كبيرة في خراسان. وعلى الرغم من أن قادة هذه الحركة تشابهوا مع علماء العراق في امتلاك قدر كاف من المعرفة بالقرآن، تسمح لهم بجعل مصدر معتقداتهم القرآن والاشتراك في بعض الحالات في النقاشات العقائدية النابعة من بغداد؛ فقد كانت الحركة في نهاية المطاف حركة للطبقات الدنيا التي ضمت سكانا محليين معتنقين للإسلام، بدأ دخولهم إلى الأمة الإسلامية يتحدى التركيبة الاجتماعية للإسلام في خراسان، التي كانت موجودة سابقا، باعتباره دين النخبة الإمبراطورية المهاجرة.
65
ومنذ القرن التاسع وحتى القرن الثاني عشر، ظلت الكرامية قوة مهمة في الحياة الاجتماعية والدينية في خراسان. كان السبب في هذه الاستمرارية والتأثير تكوين مجتمعات رهبنة كبيرة في أراض خصصها أصحابها لهذا الغرض، حتى يتمكن قاطنوها من اتباع أمر ابن كرام بتجنب العمل وتكريس النفس للزهد والصلاة فحسب. ونظرا لأن عدد قاطني هذه الأراضي كان يصل في بعض الأحيان إلى أربعة آلاف، فقد كانت الأماكن مؤثرة على نحو واضح. وعلى الرغم من أنه بحلول القرن الثاني عشر سيؤدي بزوغ نجم الصوفيين في خراسان إلى أفول نجم الكرامية في نهاية المطاف، فإنه سيثبت التأثير البالغ للنموذج، وكذلك لأسماء المؤسسات المبتكرة - التي أشاروا إليها تارة باسم «خانقاوات» (وهي كلمة فارسية الأصل)، وباسم «مدارس» تارة أخرى - على تطوير الصوفيين لمؤسساتهم.
Página desconocida