Los Sufíes: su origen y su historia
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Géneros
49
وعلى غرار التستري مرة أخرى، قال الجنيد إن الطريق إلى استعادة هذه الحالة الأصلية يتمثل في عملية «فناء» الروح الفردية الدنيا أو النفس. ويقول الجنيد متحدثا عن تجربته الشخصية فيما يتعلق بهذا الفناء: «استحوذت علي رؤية طاغية، ووهج براق، حفزا في حالة فناء؛ مما جعلني أخلق من جديد بالطريقة نفسها التي خلقني الله بها عندما لم يكن لي وجود.»
50
وتطويرا لمفهوم أساسي آخر سيصبح منسجما لاحقا مع نموذج الطريقة الذي رأيناه بالفعل، والذي يتكون من مجموعة من «الأماكن» التي تميز السبيل إلى «الفناء»؛ أوضح الجنيد أن السالك سيمر بمجموعة من «الأحوال» (أي الحالات) المؤقتة، ولكن التصاعدية. لكن في الفكر الذي سيجعل الجنيد في منزلة مميزة لدى الأجيال التالية من الصوفية، أوضح أيضا أنه على الرغم من أن حالات النشوة والذهول كانت جزءا من الطريقة، فإن السالك الذي شهد «البقاء» بعد أن أفنى نفسه في الله لم يبق في حالة الإثارة المؤقتة تلك، بل تجاوزها وصولا لحالة «صحو» أعلى ودائمة.
51
لذلك، كانت أعلى حالات القرب من الله مصحوبة بالسلوك الخارجي المحافظ، الذي يستطيع المسلمون العاديون تمييزه بوضوح عن حالات النشوة المتسمة بالهذيان أو مظاهر التقشف التي تميز الأشخاص الأقل قربا من الله.
كان الجنيد، مثل غيره من الصوفيين في زمنه، يضع تعاليمه في سياق الجدالات المحتدمة حول الاعتقاد والسلوك الصحيحين. كان أحد أطراف تلك الجدالات الواعظ البغدادي أحمد غلام خليل (المتوفى عام 888)، الذي قيل عنه إنه في عام 877 وجه اتهامات صريحة بالزندقة إلى ما يزيد عن سبعين من أتباع الصوفيين من أمثال الجنيد؛ مما مثل عقبات كبيرة أمام انتشار تعاليمهم التي بدت معارضة لكلمات القرآن أو الحديث بصفة خاصة.
52
وتعود أهمية تقديم معتقد الصحو - الذي يعني الالتزام بالشريعة وضبط النفس ورباطة الجأش - جزئيا على الأقل أيضا إلى كونه ردا على القصص الشائعة عن السالكين وأقوالهم فيما يتعلق بحالة النشوة الدينية التي كانوا يصلون إليها، والتي كانت تصل بغداد من أقاليم الإمبراطورية الإسلامية. وكثير من هذه الشائعات المتعلقة بالعمالقة الروحانيين الجذابين والغامضين كان متعلقا بشخص يقال له أبو يزيد (المتوفى عام 875) من مدينة بسطام، الواقعة في الريف الإيراني البعيد أقصى شرق بغداد. إن ما نعرفه عن أبي يزيد (الذي يعرف أيضا باسم بايزيد) قليل نسبيا، إلا أن كثيرا من «العبارات الخاصة بالنشوة» التي تندرج تحت ما يسمى «الشطح»، والتي زعم أنه قالها أثناء قربه النشوان من الله؛ جمعه أتباعه، ونقل إلى المسافرين على طريق التجارة عبر بسطام، ونوقش في النهاية في الحلقات الدينية الرفيعة في بغداد. ومن الناحية الجغرافية والروحانية أيضا، كان المفكرون الحضريون في العاصمة يرون أن أبا يزيد البسطامي يمتلك جاذبية ساكن الحدود غير المتقيد بأعراف المدينة، والذي لا يخشى المجاهرة بإثارة اكتشافاته. مثلت نوعية العبارات التي زعم أنه قالها - مثل: «سبحوني كما لو كنت أنا الله.» و«انسلخت من نفسي كما تنسلخ الحية من جلدها، ثم نظرت إلى نفسي فإذا أنا هو!» - ملخصات بليغة لما كان يقوله تقريبا صوفيو بغداد الأكثر مبالغة وحذرا في نظرية الفناء والبقاء في الله خاصتهم، لكنهم كانوا يتجنبون قوله بهذه الصراحة.
إن قصة تعلم أبي يزيد البسطامي على يد رجل يدعى السندي (نسبة إلى بلاد السند الواقعة في شمال الهند)، ستقود أحد الباحثين المعاصرين إلى الزعم بأن تعاليم أبي يزيد كانت «واحدية » مأخوذة من مصادر هندية - أي إنها «فلسفة فيدانتا في عباءة إسلامية» - وكذلك الزعم بأن هذا التأثير الهندي غير إلى الأبد اتجاه الفكر الصوفي.
Página desconocida