Los Sufíes: su origen y su historia
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Géneros
22
فقد كانت الأضرحة - والمكتبات والمساكن والمدارس التي كانت ملحقة بها عادة - هي الترسيخ الفعلي للتقليد في البيئة الحضرية السكنية. إلا أن التقليد كان يتسم بالهشاشة؛ ومن ثم، فعندما نزعت ملكية بعض الأضرحة الهندية أو دمرت - سواء من خلال أحداث العنف عام 1857، أو التدهور التدريجي في قيمة الأوقاف - اختفت معها قرون من المعرفة الصوفية المحلية التي نقلتها عبر الأجيال. وعندما كتب أحد أصدقاء الشاعر الذي يكتب بالأردية ميرزا غالب (المتوفى عام 1869) خطابا يطلب منه الكتب الصوفية التي كتبها شاه كليم الله، أجابه غالب قائلا: إنه لا يجد من يطالبه بإرسال كتابات هذا الولي؛ نظرا لنهب ضريحه أثناء حصار دلهي عام 1858، وهروب ساكنيه في ظل هذه الفوضى.
23
وكما كان يعلم غالب جيدا، فإن تقاليد الصوفيين كانت تحفظ وتنقل من خلال الأحياء، ومن أجل فعل ذلك كان يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى تأمين مؤسساتهم؛ ولذلك، فيما بين العنف الذي صاحب إعادة الاستيلاء على دلهي عام 1858، وإبرام التحالفات مع الصوفيين ملاك الأراضي في الريف، أطاح الاستعمار بعناصر مختلفة من التقليد الصوفي في الهند تارة، وعززها تارة أخرى.
وحتى في الأماكن التي لم يساعد فيها الاستعمار الصوفيين أو يعيقهم على نحو مباشر، أوجدت مجموعة كبيرة من الظروف الاجتماعية التي تسبب فيها الحكم الاستعماري فرصا جديدة كبيرة للصوفيين. كان انتشار الطباعة من الأمثلة التي ذكرناها سابقا، وقد ساعد كثيرا في التغلب على توقف بعض أشكال التواصل الشخصي ونسخ المخطوطات التي كانت تتم فيما سبق في مؤسسات الأضرحة، وكانت من خلالها تنقل التعاليم الصوفية في عصر ما قبل الاستعمار. ونظرا لأن الناشرين الهنود وجدوا أنهم يستطيعون جني المال من طباعة الأعمال الصوفية الكلاسيكية، فقد أصبحت نسخ شعر الرومي أو السير الذاتية للأولياء التي كتبها الجامي تباع بسعر زهيد، مقارنة بتكلفة المخطوطات اليدوية التي كانت تكتب سابقا. وبسبب هذا القدر الهائل من الأرباح، أصبح رجال الأعمال من كل الخلفيات مستعدين للاستثمار في هذا المجال، وكان أهم من طبع الأعمال الصوفية في الهند في القرن التاسع عشر (وربما في العالم الإسلامي كله) هو الناشر الهندوسي نوال كيشور (1836-1895)، الذي كانت تصدر أعماله أيضا إلى أماكن بعيدة مثل إيران وأفريقيا وآسيا الوسطى.
24
ومع مرور الوقت، خلق الصوفيون في الهند (وفي كل مكان في النهاية) أنواعا أدبية جديدة مطبوعة لنشر أفكارهم إلى جماهير المجال العام الجديدة، التي تقرأ الأعمال المطبوعة، وكانت «المجلة» الصوفية أحد هذه الأنواع الجديدة، والتي من أمثلتها المجلة المكتوبة بالأردية «أنوار القدس» التي نشرت فيما بين عامي 1925 و1927 على يد محمد ذوقي شاه (المتوفى عام 1951)، رائد الأعمال الصوفي الجشتي.
25
عززت منافذ المناقشة الجديدة الرخيصة هذه انتشار الأفكار والممارسات الجديدة؛ فلم يتوارث فحسب تقليد الشيوخ القدماء، بل أعيد أيضا تفسيره وأضيف إليه، فوجدت ممارسات هامشية في السابق مثل ممارسة «تصور الشيخ»، القائمة على تأمل صورة شيخ المرء، رواجا غير مسبوق بسبب انتشار الصور الفوتوغرافية للشيوخ الصوفيين.
26
Página desconocida