Sufism - Origin and Sources
التصوف - المنشأ والمصادر
Editorial
إدارة ترجمان السنة
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Ubicación del editor
لاهور - باكستان
Géneros
وقال النفزي الرندي:
(في قلوب الأحرار قبور الأسرار، والسر أمانة الله تعالى عند العبد، فافشى بالتعبير عنه خيانة، والله تعالى لا يحب الخائنين، وأيضا فإن الأمور المشهودة لا يستعمل فيها إلا الإشارة والإيماء، واستعمال العبارات فيها إفصاح بها وإشهار لها، وفي ذلك ابتذالها وإذاعتها، ثم إن العبارة عنها لا تزيدها إلا غموضا وانغلاقا، لأن الأمور الذوقية يستحيل إدراك حقائقها بالعبارات النطقية، فيؤدي ذلك إلى الإنكار والقدح في علوم السادة الأخيار.
قال أبو علي الروذباري رضي الله تعالى عنه: علمنا هذا إشارة، فإذا صار عبارة خفي) (١).
وأما لسان الدين بن الخطيب فقال:
(حملة علم النبوة هم الذين عناهم رسول الله ﷺ بقوله: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، قالوا: وهذا العلم هو الذي لا يجوز كشفه، ولا إذاعته ولا ادعاؤه، ومن كشفه وأذاعه وجب قتله واستحل دمه وينسبون في ذلك إلى خواص النبوة وخلفائها كثيرا كقوله:
يا ربّ جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا) (٢) ز
وكان كبار المتصوفة يعملون بهذا المبدأ، ولم يكونوا يظهرون للناس علومهم وأفكارهم كما روى الكلاباذي عن الجنيد أنه قال للشبلي:
(نحن حبّرنا هذا العلم تحبيرا، ثم خبأناه في السراديب، فجئت أنت، فأظهرته على رؤوس الملأ.
فقال: أنا أقول وأنا أسمع، فهل في الجارين غيري) (٣).
ونقل الشعراني كذلك عن الجنيد أنه (كان يستر كلام أهل الطريق عمن ليس
(١) غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج١ ص ٢١٤.
(٢) روضة التعريف بالحب الشريف ص ٤٣٢.
(٣) التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي ص ١٧٢ ط القاهرة.
1 / 240