Sudán
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Géneros
وطلب منهم ألا يحكموا على الإنكليز بما قد يجدونه من كل إنكليزي يصادفونه، بل الواجب أن ينتقلوا إلى الديار الإنكليزية لدرس أحوال الإنكليز؛ لأنهم يجدون كل ترحيب ويكتسبون مودة وإخاء؛ فإن الإنكليزي في بيته يخاطب صديقه كما يخاطب الرجل الرجل من دون أن يكون للجنسية أي أثر كان. (2) رأي أديب في أخلاق الإنكليز
عقد واشنجتون إرفنج
Washington Irving
1
القصصي الشهير وصاحب كتاب حياة محمد مقارنة بين أخلاق الإنكليز والفرنسيين فقال:
مثل الأمتين الإنكليزية والفرنسية كمثل خيطين مختلفين في اللون قد تداخل كل منهما في الآخر دون أن يمتزج اللونان. وفي الحقيقة نجد أن كلتا الأمتين تعتز بتباينها واختلافها عن الأخرى، وذلك الاختلاف الذي لا يمنع قدر كل منهما لمحاسن الأخرى.
فالعقل الفرنسي سريع ونشيط وهو قادر على حل المشكلات بسرعة البرق. وبقفزة واحدة يصل إلى النتائج البعيدة التي غالبا ما تصدق بدون أن يجهد نفسه في التحليل والتفكير المنتظمين. أما العقل الإنكليزي فهو سريع ولكنه أكثر ثباتا ومثابرة، وهو أقل فجأة ولكنه آكد وأضمن في استنباطه. وعلى ذلك فالسرعة والحركة في الفرنسيين تساعدهم على أن يجدوا السرور في ضروب إحساساتهم المتنوعة. حتى لنجد أن قولهم وفعلهم يتبعان المؤثرات المباشرة والدوافع المتنوعة أكثر مما يتبعان التعقل والتفكير. فهم لذلك أكثر حبا للاجتماع والمجتمع والأمكنة العامة ومواطن اللهو والسرور. أما الإنكليزي فهو أكثر تفكيرا في طباعه، فهو يعيش في دنيا قد حددها ورسمها لنفسه، معتمدا أكثر ما يكون على نفسه، وهو يحب الهدوء في منزله، وعندما يتركه نجد أنه حريص أيضا على أن يخلق حول شخصه جوا من العزلة والتحفظ، فنجده يسير خجولا وحيدا محتفظا بسره لنفسه.
أيضا بينما نجد الفرنسيين كثيرا ما يميلون إلى التفاؤل منتهزين الفرص الحسنة وقت سنوحها والمسرات وقت مرورها، نجد الإنكليز يتغاضون عن خير عاجل في سبيل الاستعداد لشر محتمل.
هب أن الشمس قد أشرقت لحظة من الزمن في يوم غائم قاتم فإن الفرنسي ذا الطبع الزئبقي الذي لا يستقر على حال تراه يلبس أحسن ثيابه ليمرح كالفراشة الجميلة كي يمتع نفسه بتلك اللحظة القصيرة من ضوء الشمس غير حاسب أي حساب لما سيعقبها. كذلك هب أن أشعتها قد ظهرت على أبهى ما يكون من الوضوح والجمال، فإن الإنكليزي وهو الحذر الفطن يحمل مظلته في يده غير واثق بتلك الأشعة المغرية لو وجد سحابة صغيرة عند الأفق.
وللفرنسي قدرة عجيبة على الاستفادة من الأشياء مهما صغرت، فيمكنه أن يعيش سعيدا ولو نقص دخله كثيرا عن نظيره الإنكليزي. فالفرنسي مقتصد مدبر يخلق من التراب تبرا. أما الإنكليزي فمن طبعه الإسراف والتبذير. وتقدير كل شيء ضروريا كان أو كماليا تبعا لقيمته ... كذلك ليس له غرام بحب الظهور فمهما حاول أن يتظاهر فمن المؤكد أن غور ظاهره كغور باطنه.
Página desconocida