131

Caminos y Enfoques

سبل ومناهج

Géneros

افحص ضميرك يا صاحبي تتذكر جيدا أنك كثيرا ما سمعت شيخا أو كهلا أو شابا - ولعله أبوك أو عمك أو أخوك - كان يردد أمامك: «فاتتني الفرصة الفلانية.» فليتك تتعظ ولا تدع الدقيقة الخصبة تفوتك. إنني أراك تتململ في فراشك وأسمعك تقول: هيهات! ذاك شيء مضى وراح، أما أنا فأقول لك: ما راح شيء غير حزمك وعزمك، وإن ظللت تقول هكذا فإنك ستظل حيث أنت.

كثيرا ما نسمع الكثيرين يقولون: الزمن الذي واتى فلانا حتى حكم أو اغتنى أو أنشأ ما أنشأ قد ذهب ولن يعود. بيد أن الأيام ترينا في كل فترة أنهم مخطئون، أما نسمع كل يوم بأشخاص اغتنموا الفرص ولم يضيعوا الوقت فنالوا ما تمنوا، ولم يقصروا عمن كنا نظن أن الزمان لن يأتي بمثلهم؟ فالذي يسمونه اليوم «انقلابا» ما هو إلا فرصة يكتسبها عصامي استولى على المبادرة، أما من ينام على صوف منتظرا ورقة يانصيب فهو لا يصيب خيرا، إنه أبله يؤمن بالفرص البلهاء، ولن يفلح ولو ربح.

ليتك تعرف كيف أثرى روكفلر، كان هذا المثري العظيم في بادئ عهده أحد ثلاثة ألفوا شركة لتصفية النفط، فأخذ أحد الشركاء الثلاثة واسمه أندروز يتذمر ولم يصبر حتى يفيض الخير، فسأله روكفلر: «بكم تبيع حصتك؟»

فأجابه أندروز: «بمليون دولار.» فقال روكفلر: «اشتريت.» وما مضت أربع وعشرون ساعة حتى دفع روكفلر المبلغ المرقوم إلى شريكه أندروز قائلا له: «أفضل جدا أن أشتريها منك اليوم بمليون ولا آخذها فيما بعد بعشرة ملايين.»

إن تلك الفرصة هي التي عملت روكفلر وصيرت منه ذلك المحسن الذي نسمع كل يوم بفضله ومعروفه، وهي التي محت اسم شريكه أندروز من سفر أصحاب الثروات الضخمة والمحسنين. والفرص التي تفوتنا - نحن الشرقيين - هي التي جعلت منا قوما اتكاليين ينفقون ما يملكون، وينتظرون فتح باب الفرج القريب.

يقول المتكاسل المتواني: «تفرج إن شاء الله.» وينسى حضرته أنه هو أيضا له مشيئة. إن تربيتنا الأولى هي التي تقف عقبة في سبيلنا، تربية ترهل واسترخاء تنشأ في البيت، وتشب في المدرسة، وتكتهل وتشيخ في معترك الحياة.

فإذا رأيت فتى بطيء الحركة، قليل الاحترام للنظام، بارد الدم، لا يغامر في اقتناص الفرص السانحة، بل يدعها تمر بسلام؛ لأن صيدها عنده حرام؛ فقل: إن الحق على والديه؛ لأنهما لم يجبراه على السعي والتدقيق في صباه.

لم تبق له تربيته الناقصة إلا التفكر بالغد، فالعمل المطلوب منه إنجازه اليوم يرجأ إلى الغد أو ما بعد الغد، وهكذا يقتل الوقت مترددا، وهو لا يدري أنه يقتل الفرصة التي يشكو عدم سنوحها.

إن المتيقظ يفلح ولو متأخرا، أما الساهي اللاهي فالفلاح منه بعيد.

موسم الرحمة

Página desconocida