إذا حاق الظلم بالإنسانية فالأديب أول من يتألم، يرفع صوته تحت بريق السيوف، لا يكتم كلمة ولو أعطي بها ملء الأرض ذهبا، فهو لا يبتغي إلا العدالة، ويؤثر الموت على الخزي والعار.
وصف كنفوشيوس الأديب منذ أربعة وعشرين قرنا فقال: «الأديب يكرم نفسه ويحترم الناس، يخاف الموت وينتظره، يغذي نفسه ليعيش ويعمل، ليس الذهب بكنز الأديب، بل الصدق والأمانة هما كنزه، فهو لا يبتغي من الدنيا إلا العدالة، لا يطلب الغنى المفرط، وفي الأخلاق السامية سعادته، لا يأسف على الماضي، ولا يتأهب للمستقبل، يصادقك الأديب طائعا مختارا لا مكرها، ويؤثر الموت على الخزي والعار.
الأمانة درع الأديب، فعلى رأسه يحمل الإنسانية ويمشي، والعدالة تتكئ على صدره في البيت، ومهما طغى الاضطهاد، فهيهات أن يزحزح عقيدته الراسخة.
يعيش الأديب بين معاصريه ويفكر بالمتقدمين، يساير عصره ويعمل بما يوحي به إليه الغد، وعلى الأجيال الآتية أن تقتدي به.
ليغضب معاصروه، ليحتقره من هم دونه، ليتألب عليه النمامون والممالقون، ففي مقدورهم أن يهلكوه، أما إرادته فلا تلين ولا تنهزم أمام المخاطر والاضطهاد، وفي ضيقته وبلواه يتذكر أبدا شقاء الشعب.
الأديب يسعى وراء المعرفة بلا ملل ولا راحة، يعمل لذلك أبدا تحت سقف بيته.
يعز الخيرين ويتحمل الأشرار، يساعد الغرباء والأعداء، ولا يقدر إلا الجدارة والأعمال، وهدفه الأسمى خير أمته وبلاده.
لا يفتش عن الثروة والمكانة، يزرع الأديب معرفته بين أصدقائه ليفيدهم وينير أذهانهم، ينشر من طوتهم حجب النسيان ويذيع فضلهم.
الأديب يطهر جسده ويهذب فضيلته وينقيها، وينصح أولياء الأمر ويصلحهم بهدوء.
في السلم لا يزدرى ولا يحتقر، وفي زمن الاضطراب لا يشرى ولا يباع.
Página desconocida