وقال وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
«١» الآية، وقال وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ
«٢» إلى غير ذلك من آي القرآن.
وضرب رسول الله ﵌ الأمثال فقال «ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبي الصّراط أبواب مفتّحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى رأس الصّراط داع يقول ادخلوا الصّراط ولا تعرّجوا: فالصّراط الإسلام، والسّتور حدود الله، والأبواب محارم الله، والداعي القرآن» إلى غير ذلك من الأمثال التي ضربها ﵌. ومحل الكلام على أمثال القرآن وأمثال الرسول ﵌، ما تقدّم من الكلام على القرآن الكريم والأخبار.
ثم هي على ضربين: قريب الفهم بظهور معناه، وكثرة دورانه بين الناس، وبعيد الفهم لخفائه، وقلة دورانه بين الناس. فالقريب من الفهم الكثير الدوران على الألسنة مثل قولهم: «عند الصّباح يحمد القوم السّرى»، وهو مثل يضرب للترغيب في السير في الليل «٣»، والحث عليه؛ وأوّل من أرسله مثلا خالد بن الوليد ﵁، قاله في صبح ليلة قطع فيها مفازة كانت في طريقه من العراق إلى الشام؛ وقولهم «ساء سمعا فأساء إجابة» «٤» .
وأوّل من قال ذلك سهيل بن عمرو وكان تزوّج صفيّة بنت أبي جهل فولدت له ابنه أنسا، فرآه الأخنس بن شريق الثقفيّ معه فقال من هذا؟ فقال سهيل ابني- فقال الأخنس حيّاك الله يا بنيّ! أين أمّك؟ فقال: لا والله ما أمي ثمّ، انطلقت إلى بيت أمّ حنظلة تطحن دقيقا- فقال أبوه ساء سمعا فأساء إجابة- فلما رجعا