291

Subh al-aʿsha en el arte de la composición

صبح الأعشى في صناعة الانشاء

Editorial

دار الكتب العلمية

Ubicación del editor

بيروت

وآثر رضاه، وطلب ما عنده، أمسك لسانه وأطبق فاه، وجعل سعيه لما وراه.
فقال علي ﵁: مهلا يا أبا حفص والله ما بذلت ما بذلت وأنا أريد نكثه، ولا أقررت ما أقررت وأنا أبتغي حولا عنه. وإن أخسر الناس صفقة عند الله من آثر النفاق، واحتضن الشّقاق وفي الله سلوة عن كل حادث، وعليه التوكّل في جمع الحوادث. ارجع يا أبا حفص إلى مجلسك ناقع القلب، مبرود الغليل، فسيح اللّبان «١»، فصيح اللّسان، فليس وراء ما سمعت وقلت إلا ما يشدّ الأزر، ويحط الوزر، ويضع الإصر، ويجمع الألفة بمشيئة الله وحسن توفيقه.
قال أبو عبيدة ﵁: فانصرف عليّ وعمر ﵄.
وهذا أصعب ما مرّ عليّ بعد رسول الله ﵌.
ومن ذلك كلام عائشة ﵂ في الانتصار لأبيها.
يروى أنه بلغ عائشة ﵂ أن أقواما يتناولون أبا بكر ﵁ فأرسلت إلى أزفلة «٢» من الناس فلما حضروا، أسدلت أستارها، وعلت وسادها. ثم قالت: أبي، وما أبيّه! أبي والله لا تعطوه «٣» الأيدي، ذاك طود منيف، وفرع مديد، هيهات كذبت الظّنون، أنجح إذ أكديتم «٤»، وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد؛ فتى قريش ناشئا، وكهفها كهلا، يفك عانيها ويريش مملقها، ويرأب شعبها، ويلم شعثها حتّى حليته قلوبها، ثم استشرى في دين الله فما برحت شكيمته في ذات الله ﷿ حتّى اتخذ بفنائه مسجدا يحيى فيه ما أمات المبطلون؛ وكان ﵀ غزير الدّمعة، وقيذ الجوانح، شجيّ النّشيج، فانقضّت إليه نسوان مكة وولدانها يسخرون منه

1 / 294