Struggle with Atheists to the Core
صراع مع الملاحدة حتى العظم
Editorial
دار القلم
Número de edición
الخامسة
Año de publicación
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
Ubicación del editor
دمشق
Géneros
صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * ياقَومِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَى وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ .
فهذا الرجل المؤمن من آل فرعون عرض عليهم أولًا دليل البينات التي جاء بها موسى، ثم تنازل معهم إلى مستوى آخر لا يستطيعون أن يرفضوه إذا هم رفضوا البينات، فقال لهم ﴿وإن يك كاذبًا فعليه كذبه﴾، أي: فإنكم لا تخسرون شيئًا إذا تركتم موسى وشأنه فيما لو كان كاذبًا ﴿وإن يك صادقًا يصبكم بعض الذي يعدكم﴾، أي: فإنكم تخسرون كثيرًا بتكذيبه ومقاومة دعوته فيما لو كان صادقًا، فالمنطق الحق يرجح الأخذ باحتمال صدقه على احتمال كذبه، لأن الأخذ باحتمال الصدق يدفع عنكم احتمالات الخطر دون أن تخسروا شيئًا، أما الأخذ باحتمال الكذب فإنه قد يعرضكم للخطر دون أن تخسروا شيئًا، أما الأخذ باحتمال الكذب فإنه قد يعرضكم للخطر دون أن تجنوا شيئًا من الربح، وهذا منطق عقلي يصح الاستناد إليه والاعتماد عليه، في كل الأمور التي يجد الإنسان نفسه فيها بين موقفين متكافئين نظريًا، إلا أن الأخذ بأحدهما فيه السلامة بصفة قطعية مع احتمال الربح، أما الآخر ففيه احتمال عدم السلامة مع الخسارة، وهذا هو أضعف الأدلة المرجحة.
ويُطرح هذا الدليل عند آخر مرحلة من مراحل النقاش الذي يرفض فيه الملحد أدلة الإيمان الكثيرة، ويعلن تشككه بها، أو يطرح في أول مرحلة من مراحل النقاش، لتوجيه النفس إلى منطقة الإيمان منذ الانطلاقة الفكرية الأولى، ثم تطرح من بعده الأدلة والبينات الأخرى، فهو إما دافع إلى النقلة الأولى التي تتجاوز منطقة الشك المطلق، وإما ممسك بالنفس في منطقة الإيمان قبل أن تنزلق إلى منطقة الشك المطلق.
ولست أدري كيف بلغ (العظم) هذا المستوى الذي نراه في كلامه من ضعف الإدراك لأصل الموضوع، حينما ناقش (جيمس) حول هذا الدليل.
فهو ينقل بعض أقوال (وليم جيمس) ثم يعلق عليها تعليقًا عجيبًا، يدلُّ على
1 / 141