ومهما قيل في ستالين فإنه ليس من المبالغة في شيء أن يقال عنه: إنه كان من أعظم الذين أثروا في تاريخ البشرية في هذا القرن الذي نعيش به. ... والآن نبدأ قصة الرجل أو «الإله» من أولها. (5) ستالين بين الحقيقة ... والخيال
أي طراز من الرجال كان هذا ال «ستالين» الذي سيطر في وقت من الأوقات على مصير 200 مليون نسمة في الاتحاد السوفييتي، وأقدار عدة ملايين أخرى في الدول المجاورة التي انتشر فيها نظام روسيا، وكان كل تصريح سياسي له يبعث الأمل أو الخوف في قلوب مئات الملايين من سكان العالم؟
ومن المشكوك فيه أن يكون ثمة رجل، خلال حياته نفسها، قد لقي هذا الاختلاف الكثير في درجة التقدير كما حدث لستالين، فقد رآه مثلا أحد الكتاب فأبدى نفورا من شكله وهيئته وقال: إن وجهه يحمل آثار الإصابة بالجدري، وإن أسنانه رديئة المنظر. ورآه أحد سفراء أمريكا السابقين في الاتحاد السوفييتي فأطنب في وصف عينيه البنيتين الحانيتين اللطيفتين وقال: «إن الطفل ليحب أن يجلس على ركبتيه.»
ووصفه تشرشل عقب اجتماعهما الأول كحلفاء في الحرب بأنه رجل ذو شجاعة ومقدرة لا ينفدان وقال: «إن ستالين تركه وقد انطبعت في نفسه الحكمة الهادئة العميقة وزوال الوهم من أي نوع كان.»
ومن أظرف ما رواه تشرشل في مذكراته عن ستالين كيف أن سيد روسيا أقام مأدبة في أحد الاجتماعات،
1
ووقف أثناء المأدبة ورفع كأسه وشرب نخب ملك بريطانيا. ويقول تشرشل: إنه ولو أن ستالين شرب نخب ملك بريطانيا بطريقة ودية مهذبة إلا أنه قرن ذلك ببضع كلمات لم ترق لتشرشل؛ إذ قال ستالين وهو يرفع كأسه: إنه بوجه عام من خصوم الملكية، وإنه يقف دائما إلى جانب الشعب لا في صف الملوك أيا كان مسلكهم، ولكنه تعلم أثناء الحرب أن يحترم الشعب البريطاني الذي يمجد ملكه ويحترمه؛ ولذلك فإنه - أي: ستالين - يدعو الحاضرين ليشربوا نخب ملك بريطانيا!
وتضايق تشرشل من هذه الكلمات الصريحة وطلب من مولوتوف أن يرجو ستالين أن يكتم مشاعره بإزاء الملكية، واقترح للتخلص من هذه المواقف المحرجة أن يشرب المحتفلون نخب رؤساء الدول الثلاث
2
في وقت واحد، وبذلك لا يتسع المجال لإبداء تعليقات. وقبل ستالين الاقتراح وصار ذلك النهج تقليدا اتبع في الاجتماعات التالية.
Página desconocida