وكان معي رجل إنجليزي قال لي: هذه هي الثورة ... لقد كنت هنا في عام 1905 وأنا أعرف ما هي ...!
واستوقفنا حشد كبير من الناس سد علينا منافذ الطرق، وكانوا يحيطون بعربة من عربات الترام، كانوا قد قتلوا سائقها عندما حاول أن يسير بقطاره مخترقا صفوفهم، وقد قتلوه بنفس المفتاح الذي كان يحاول أن يحرك به قطاره!
ورأينا فصيلة من الرماة الروس وقد اصطفت وهي على استعداد لإطلاق النار، وكان الرماة يحملون رماحهم أفقية حتى لا تؤذي القوم، ولم نقف لعد الذين قتلوا أو جرحوا من الجمهور، ولكن سرنا في طريقنا بواسطة زحافاتنا بعد أن أحدثت النار التي أطلقت ثغرة في وسط الجماهير المتظاهرة.
وعند محطة نيكولاس وجدنا طلبة يحملون البنادق وأخذوا يهددوننا بها، ولكنهم لما عرفوا أننا من الأجانب تحولوا عنا، واتجهنا نحو طريق شلوسلبرج على مقربة من نهر نيفا، وكان هذا الحي حيا صناعيا، وفي هذا الحي فقد أكبر عدد من الأرواح في ثورة مارس.
ووصلنا في موعد تناول الشاي إلى منزل صديق بريطاني كنا نعيش معه، وكان أحد شقيقين يملكان مصنعا للصوف، وكنت قد أحضرت معي أربع زجاجات من الويسكي عثرت عليها في مخازن «فندق فرنسا»، وقلت لصديقي: هذه هي الثورة ... يا آرثر!
ولكنه كان منشغلا عني بفتح زجاجة الويسكي!
وكانت زوجته روسية مثقفة، وكانت تعمل سرا على مساعدة بعض السيدات الاشتراكيات، وقد أسرعت إلى حجرتها بعد أن سمعت ما قلت وعادت إلينا وقد وضعت شارة حمراء على ذراعها ...
وفي صباح اليوم التالي دق جرس التليفون في حجرتي، وكان المتحدث هو هذا البريطاني، فسألني قائلا: هل تنوي أن تذهب اليوم إلى بتروغراد؟
فأجبته قائلا: نعم! ولقد طلبت من سائقي أرسيني أن ينتظرني!
وقال لي: انظر أولا من النافذة ...!
Página desconocida