ففي مستهل عام 1953 وجه الاتهام إلى بعض كبار أطباء الكرملين، وقيل: إن المسئولين قد «اكتشفوا» أن هؤلاء الأطباء قد دسوا السم لأندريا زادنوف ولألكسندر شيرباكوف، وكان الاعتقاد سائدا قبل ذلك بأنهما قد ماتا موتا طبيعيا.
وما لبث الأطباء الذين وجهت إليهم هذه التهمة أن «اعترفوا» بأنهم كانوا يدبرون جرائم أخرى بدس السم البطيء المفعول لبعض كبار ماريشالات الجيش وقواده.
وكانت إزاحة الستار عن مؤامرة الأطباء مصحوبة بالنداء المعتاد في مثل هذه الظروف؛ وهو ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر الشديد من الجواسيس والمخربين والمدمرين، كما وجه الاتهام إلى القوات المسئولة عن المحافظة على الأمن الداخلي بقيادة لافيرنتي بيريا بأنها قد فشلت في حماية حياة الذين راحوا ضحية لتآمر هؤلاء الأطباء، كما فشلت في اكتشاف مؤامراتهم.
وكثر الحديث وقتئذ عن «مرض الإهمال والتساهل والغباوة والخطأ».
وقيل: إن المؤامرة أوسع نطاقا مما يتصور الناس، وإن لها اتصالات بهيئات معادية خارج الاتحاد السوفييتي، وإن عددا من الدول الاستعمارية كان يعمل على تشجيع هذه المؤامرة ويمولها، كما جاء في البلاغ الرسمي الذي نقلته وكالة تاس السوفييتية ونشرته جريدة برافدا في يوم 13 يناير سنة 1953 أن الهيئات التي شجعت المؤامرة في الخارج كانت تعمل على: «... نشر التجسس الواسع المدى والإرهاب وأعمال التخريب الأخرى في بلاد كثيرة من بينها الاتحاد السوفييتي.»
وذكر البلاغ كذلك أن ثلاثة من الأطباء الذين اشتركوا في المؤامرة ثبت أنهم عملاء للمخابرات البريطانية.
وكانت الاستعدادات تجري لمحاكمة هؤلاء الأطباء والقضاء عليهم، إلا أن المنية عاجلت ستالين؛ ففي أقل من شهرين من إذاعة نبأ اكتشافها (13 يناير 1953) سقط ستالين على فراشه مصابا بنزيف في المخ (ليلة 1 و2 مارس 1953)، ومع ذلك فقد عرف أن اثنين من الأطباء الذين وجهت إليهم التهمة ولم يكن عددهم يقل عن اثني عشر طبيبا، عرف أن اثنين منهم قد توفيا في السجن بسبب ما لقياه من تعذيب.
وخير من يقص علينا قصة «قضية الأطباء» هو الرفيق خروشيشيف في خطابه المشهور الذي فضح به زعيمه السابق ... فهو يقول:
والآن دعونا نتذكر قضية الأطباء المتآمرين المزعومة.
الواقع أنه لم تكن هناك قضية ما ... فكل ما أقيمت عليه القضية من أسانيد هو تصريح الدكتورة تيماسول التي كان من المحتمل أنها تأثرت أو تلقت أمرا من شخص ما «ومن المحتمل أنها كانت تتعاون بصفة غير رسمية مع إدارة البوليس السري» بأن تكتب رسالة لستالين تزعم فيها أن الأطباء كانوا يطبقون وسائل غير صحيحة في علاجه.
Página desconocida