255

Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1

ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى

Géneros

الحاجب المنصور يعتذر فيها اعتذارًا كبيرًا، ويخبره بأنه قد هدم هذه الكنيسة، فعاد الحاجب المنصور إلى بلده ومعه النسوة الثلاث (١).
نعم تلك كانت نخوة وأخوة أهل الإيمان والديانة، بل أعظم من هذا ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ (٢).
قال الحجازي: فثار موسى، وتحركت فيه عوامل الشهامة والرجولة، وسقى لهما، وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما (٣)
بل لنسمع ما حدّث به أنس ﵁ عن نخوة وشهامة رسول الله ﷺ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، قَالَ: وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً سَمِعُوا صَوْتًا، قَالَ: فَتَلَقَّاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ (أي ليس عليه سرج ولا أداة) (٤)، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَقَالَ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَجَدْتُهُ بَحْرًا» (أي واسع الجري) (٥).

(١) نفح الطيب (١/ ٤٠٣).
(٢) [القصص: ٢٣].
(٣) التفسير الواضح (٢/ ٨٢٥).
(٤) فتح الباري لابن حجر (٦/ ٧٠).
(٥) شرح النووي على مسلم (١٥/ ٦٨)، والحديث رواه البخاري (٤/ ٦٦ - ٣٠٤٠).

1 / 255